للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلْزَمُه الكَفَّارَةُ، مع أنَّه لم يَهْتِكِ الصومَ.

فصل: إذا أصْبَحَ مُفْطِرًا يَعْتَقِدُ أنَّه من شعبانَ، فقامَتِ البَيِّنَةُ بالرُّؤْيَةِ، لَزِمَهُ الإمْساكُ والقَضاءُ فى قَوْلِ عَامَّةِ الفُقَهاءِ، إلَّا مَا رُوِىَ عن عَطاءٍ أنَّه قال: يَأْكُلُ بَقِيَّةَ يَوْمِه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا نَعْلَمُ أحَدًا قَالهُ غيرَ عَطاءٍ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ ذلك رِوَايَةً عن أحمدَ، ولا أعْلَمُ أحَدًا ذَكَرَها غيرَه، وأظُنُّ هذا غَلَطًا؛ فإنَّ أحمدَ قد نَصَّ على إيجابِ الكَفَّارَةِ على مَنْ وَطِئَ ثم كَفَّرَ ثم عادَ فوَطِئ فى يَوْمِه؛ لأنَّ حُرْمَةَ اليومِ لَم تَذْهَبْ، فإذا أوْجَبَ الكَفَّارَةَ على غيرِ الصَّائِمِ لِحُرْمَةِ اليومِ، فكيفَ يُبِيحُ الأكْلَ، ولا يَصِحُّ قِياسُ هذا على المُسافِرِ إذا قَدِمَ وهو مُفْطِرٌ وأشْبَاهِه؛ لأنَّ المُسافِرَ كان له الفِطْرُ ظاهِرًا وباطِنًا، وهذا لم يكنْ له الفِطْرُ فى الباطِنِ مُباحًا، فأشْبَهَ من أكَلَ يَظُنُّ أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ وقد كان طَلَعَ. فإذا تَقَرَّرَ هذا، فإنْ جامَعَ فيه، فعليه القَضاءُ والكَفَّارَةُ، كالذى أصْبَحَ لا يَنْوِى الصِّيامَ، أو أكَلَ ثم جامَعَ. وإن كان جِمَاعُه قبلَ قِيامِ البَيِّنَةِ فحُكْمُه حُكْمُ مَن جَامَعَ يَظُنُّ أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ وقد كان طَلَعَ، على ما مَضَى فيه.

فصل: وكُلُّ من أفْطَرَ والصومُ لَازِمٌ له، كالمُفْطِرِ بغيرِ عُذْرٍ، والمُفْطِرِ يَظُنُّ أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ وقد كان طَلَعَ، أو يَظُنُّ أنَّ الشَّمْسَ قد غابَتْ ولم تَغِبْ، أو النَّاسِى لِنِيَّةِ الصَّوْمِ، وَنحْوِهم، يَلْزَمُهم الإمْساكُ. لا نَعْلَمُ بينهم فيه (٣) اخْتِلافًا. إلَّا أنَّه يُخَرَّجُ على قَوْلِ عَطاءٍ فى المَعْذُورِ فى الفِطْرِ، إبَاحَةُ فِطْرِ بَقِيَّةِ يَوْمِه، قِيَاسًا على قَوْلِه فيما إذا قامَتِ البَيِّنَةُ بالرُّؤْيَةِ. وهو قَوْلٌ شَاذٌّ، لم يُعَرِّجْ عليه أهْلُ العِلْمِ.

فصل: فأمَّا مَن يُبَاح له الفِطْرُ فى أوَّلِ النَّهارِ ظَاهِرًا وباطِنًا، كالحائضِ والنُّفَساءِ والمُسافِرِ، والصَّبِىِّ، والمَجْنُونِ، والكَافِرِ، والمَرِيضِ، إذا زالَتْ أعْذَارُهم فى أثْناءِ النَّهارِ، فطَهُرَتِ الحَائِضُ والنُّفَسَاءُ، وأقَامَ المُسافِرُ، وبَلَغَ الصَّبِىُّ، وأفاقَ


(٣) سقط من: أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>