للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن سَمُرَةَ، إنَّما هي صَحِيفةٌ. وقال غيرُ (١٣) أحمدَ: إنَّما سَمِعَ الحسنُ من سَمُرَةَ ثلاثةَ أحاديث، ليس هذا منها. ولأنَّ الحسنَ أفْتَى بخِلافِه، فإنَّه يقولُ: لا يُقْتَلُ الحُرُّ بالعَبْدِ. وقال: إذا قَتَلَ السَّيِّدُ عَبْدَه يُضْرَبُ. ومخالَفَتُه له تَدُلُّ على ضَعْفِه.

فصل: ولا يُقْطَعُ طَرَفُ الحُرِّ بطَرَفِ العبدِ، بغير خلافٍ عَلِمْناه بينهم. ويُقْتَلُ العبدُ بالحُرِّ، ويُقْتَلُ بسَيِّدِه؛ لأنَّه إذا قُتِلَ بمِثْلِه، فبِمَنْ هو أكملُ منه أَوْلَى، مع عُمومِ النُّصوصِ الواردةِ في ذلك. ومتى وَجَبَ القِصاصُ على العبدِ، فعَفَا وَلِيُّ الجِنايةِ إلى المالِ، فله ذلك، ويتَعَلَّقُ أَرْشُها برَقَبَتِه؛ لأنَّه مُوجَبُ جِنايَتِه، فتعَلَّقَ برَقَبَتِه، كالقِصاصِ. ثم إن شاء سَيِّدُه أن يُسَلِّمَه إلى وَلِيِّ الجِنايةِ، لمْ يَلْزَمْه أكثرُ من ذلك؛ لأنَّه سَلَّم إليه ما تعَلَّقَ حَقُّه به. وإن قال وَلِيُّ الجِنايةِ: بِعْهُ، وادْفَعْ إليَّ ثَمَنَه. لم يَلْزَمْه ذلك؛ لأنَّه لم يتَعَلَّقْ بذِمَّتِه شيءٌ، وإنَّما تعَلَّقَ بالرَّقَبةِ التي سَلَّمَها، فبَرِئَ منها. وفيه وجهٌ آخَرُ، أنَّه يَلْزَمُه ذلك، كما يلْزَمُه بَيْعُ الرَّهْنِ. وإن امْتَنَعَ من تَسْلِيمِه، واخْتارَ فِداءَه، فهل تَلْزَمُه قِيمَتُه أو أَرْشُ الجِنايةِ جميعًا؟ على رِوَايتَيْنِ، ذكَرْناهما في غيرِ هذا الموضعِ. وإن عَفَا عن القِصاصِ لِيَمْلِكَ رَقَبةَ العبدِ، ففيه روَايتَان؛ إحداهما، يَمْلِكُه بذلك؛ لأنَّه يَمْلِكُ إتْلافَه، فكان مالِكًا (١٤) له، كسائرِ أمْوالِه. والثانية، لا يَمْلِكُه؛ لأنَّه مَحَلٌّ تعَلَّقَ به القِصاصُ، فلا يَمْلِكُه بِالعَفْوِ كالحُرِّ. فعلى هذه الرِّوايةِ، يتعلَّقُ أَرْشُ الجِنايةِ برَقَبَتِه، كما لو عَفَا على (١٥) مالٍ؛ لأنَّ العِوَضَ الذي عَفَا لأَجْلِه لم يَصِحَّ له، فكان له عِوَضُه، كالعُقُودِ الفاسِدَةِ.

فصل: ويجْرِى القِصاصُ بين العَبِيدِ في النَّفْسِ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. رُوِيَ ذلك عن عمرَ بن عبد العزيزِ، وسالمٍ، والنَّخَعِيِّ، والشَّعْبِيِّ، والزُّهْرِيِّ، وقَتادةَ، والثَّوْرِيِّ، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفةَ. ورُوِيَ عن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّ من شَرْطِ القِصاصِ


(١٣) في الأصل، م: "عنه".
(١٤) في م: "ملكا".
(١٥) في الأصل، ب: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>