للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو سَلَّمَ (٢٠). إليه فى السَّلَمِ غيرَ ما وَصَفَ له، فَرَدَّه. ولا يجُوزُ التَّفَرُّقُ عن مَجْلِسِ العَقْدِ قبلَ قَبْضِ المَبِيعِ، أو قَبْضِ ثَمَنهِ. وهذا قوْلُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه بَيْعٌ فى الذِّمَّةِ، فلم يَجُزِ التَّفَرُّقُ فيه قبل [قَبْضِ أحَدِ] (٢١) العِوَضَيْنِ، كَالسَّلَمِ. وقال القاضِى: يجُوزُ التَّفَرُّقُ فيه قبلَ القَبْضِ؛ لأنَّه بَيْعٌ حالٌّ، فجازَ التَّفَرُّقُ فيه قبلَ القَبْضِ، كبَيْعِ العَيْنِ.

فصل: إذا رَأيا المَبِيعَ، ثم عَقَدَا البَيْعَ بعد ذلك بِزَمَنٍ لا تَتَغَيَّرُ العَيْنُ فيه، جازَ فى قَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن أحْمَدَ رِوايَةٌ أخْرَى، لا يَجُوزُ حتى يَرَياها حالَةَ العَقْدِ. وحُكِىَ ذلك عن الحَكَمِ، وحَمَّادٍ؛ لأنَّ (٢٢) ما كان شَرْطًا فى صِحَّةِ العَقْدِ، يَجِبُ أنْ يكونَ مَوْجُودًا حالَ العَقْدِ، كالشَّهادَةِ فى النِّكاحِ. ولنا، أنَّه مَعْلُومٌ عِنْدَهما، أشْبَهَ ما لو شاهداه حالَ (٢٣) العَقْدِ، والشَّرْطُ إنّما هو العِلْمُ، وإنما الرُّؤْيَةُ طَرِيقٌ لِلْعِلْمِ، ولهذا اكْتُفِىَ بِالصِّفَةِ المُحَصِّلَةِ لِلْعِلْمِ، والشَّهادَةُ فى النِّكاحِ تُرادُ لِحِلِّ (٢٤) العَقْدِ والاسْتِيثاقِ عليه، فلهذا اشْتُرِطَتْ حالَ العَقْدِ. ويُقَرِّرُ ما ذَكَرْناه ما لو رَأيا دارًا، وَوَقَفا فى بَيْتٍ منها، أو أرْضًا، ووَقَفا فى طَرَفِها (٢٥)، وتَبايَعاها، صحَّ بلا خلافٍ مع عَدَمِ المُشاهَدَةِ لِلْكُلِّ فى الحالِ. ولو كانتِ الرُّؤْيَةُ المَشْرُوطَةُ لِلْبَيْعِ مَشْرُوطَةً حالَ العَقْدِ لَاشْتُرِطَ رُؤْيَةُ جَميعهِ، ومَتَى وَجَدَ المَبِيعَ بحالِه، لم يَتَغَيَّر، لَزِمَ البَيْعُ، وإنْ كان ناقِصًا ثَبَتَ له الخِيارُ؛ لأنَّ ذلك كَحُدُوثِ العَيْبِ. وإن اخْتلَفا فى التَّغَيُّرِ، فالقَوْلُ قولُ المشترِى مع يَمِينه؛ لأنَّه يَلْزَمُه الثَّمَنُ، فلا يَلْزَمُه ما لَمْ يَعْتَرِفْ به. فأمَّا إنْ عُقِدَ البَيْعُ بعدَ رُؤْيَةِ المَبِيعِ بِمُدَّةٍ يَتَحَقَّقُ فيها


(٢٠) فى الأصل: "أسلم".
(٢١) "فى الأصل: "أخذ".
(٢٢) سقط من: الأصل.
(٢٣) فى م: "حالة".
(٢٤) فى الأصل: "ليحمل".
(٢٥) فى م: "طريقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>