للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَرامِ. قيل لأبي عبدِ اللهِ: حَدِيثُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُرُوا أبَا بَكْرٍ يُصَلِّى (١٣) بالنَّاسِ". أهو خِلَافُ حَدِيثِ أبى مَسْعُودٍ؟ قال: لا، إنما قَولُه لأبِى بكْرٍ - عندى - "يُصَلِّى بالنَّاسِ" لِلْخِلافَةِ، يعني أن الخَلِيفَةَ أحَقُّ بالإِمامَةِ، وإن كان غيرُه أقْرأَ منه، فأَمْرُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكرٍ بالصَّلَاةِ يَدُلُّ على أنَّه أرَادَ اسْتِخْلافَهُ.

فصل: ويُرَجَّحُ أحَدُ القَارِئَيْنِ على الآخَرِ بِكَثْرَةِ القُرْآنِ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا". وإن تَسَاوَيا في قَدْرِ ما يَحْفَظ كلُّ واحِدٍ منهما، وكان أحَدُهُما أجْوَدَ قِرَاءَةً وإعْرَابًا فهو أوْلَى؛ لأنَّه أقْرأُ، فَيَدْخُلُ في عُمُومِ قَوْلِه: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ". وإنْ كان أحَدُهما أكْثَرَ حِفْظًا، والآخَرُ أقَلَّ لَحْنًا وأجْوَدَ قِرَاءَةً، فهو أوْلَى؛ لأنَّه أعْظَمُ أجْرًا في قِرَاءَتِه؛ لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، ومَنْ قَرَأهُ ولَحَنَ فِيهِ فَلَهُ بكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (١٤)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

٢٤٩ - مسألة؛ قال: (فَإنِ اسْتَوَوْا فَأفْقَهُهُمْ)

وذلك لِقَوْلِ رَسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإنْ كانُوا فِى القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ"، ولأن الفِقْهَ يُحْتَاجُ إليه في الصَّلَاةِ لِلإِتْيَانِ بوَاجِبَاتِها وسُنَنِها، وجَبْرِها إن عَرَضَ ما يُحْوِجُ إليه فيها، فإن اجْتَمَعَ فَقِيهَانِ قارِئَانِ، وأَحَدُهما أقْرأُ، والآخَرُ


(١٣) كذا، وسبق تخريجه في ٢/ ٣٧٦. بلفظ: "فلْيُصَلِّ".
(١٤) لم نجده في الترمذي بهذا اللفظ ولا قريب منه. وقد أورد السيوطي في الجامع الكبير حديثا يقاربه في المعنى باختلاف الألفاظ صفحة ٨١٧ وعزاه للبيهقي في شعب الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>