للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا وارِثَ له يَتَعَلَّقُ حَقُّه (٤) بمالِه، فأشْبَهَ حالَ الصِّحَّةِ، ولأنَّه لم يَتَعَلَّقْ بمالِه حَقُّ وارِثٍ ولا غَرِيمٍ، أشْبَهَ حالَ الصِّحَّةِ أو أشْبَهَ الثُّلُثَ.

فصل: وإن خَلّفَ ذا فَرْضٍ، لا يَرِثُ المالَ كلَّه، كَبِنْتٍ، أو أُمٍّ، لم يكُنْ له الوَصِيّةُ بأكْثَرَ من الثُّلُثِ؛ لأنَّ سَعْدًا قال للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يَرِثُنِى إلَّا ابْنَتِى. فمَنَعه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من الزِّيادَةِ على الثُّلُثِ (٥). ولأنَّها تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ المالِ بالفَرْضِ والرَّدِّ (٦)، فأشْبَهتِ العَصَبَةَ. وإن كان لها زَوْجٌ، أو لِلرَّجُلِ امْرَأةٌ، فكذلك؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ تَنْقُصُ حَقَّه، لأنَّه إنَّما يَسْتَحِقُّ فَرْضَه بعدَ الوَصِيَّةِ، لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٧). فأمَّا ذَوُو (٨) الأَرْحامِ، فظَاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ أنَّه لا يَمْنَعُ الوَصِيّةَ بجَمِيعِ المالِ؛ لقوله: "ولا عَصَبَةَ له ولا مَوْلًى له". وذلك لأنَّ ذا الرَّحِمِ إرْثُه كالفَضْلَةِ والصِّلَةِ، ولذلك لا يُصْرَفُ إليه شيءٌ إلَّا عند عَدَمِ الرَّدِّ والمَوْلَى، ولا (٩) تَجِبُ نَفَقَتُه. ويَحْتَمِلُ أن لا تَنْفُذَ وَصِيَّتُه بأكْثَرَ من ثُلُثِه؛ لأنَّ له وَارِثًا، فيَدْخُلُ في مَعْنَى قولِه عليه السلامُ: "إنَّكَ أنْ تَدَعَ (١٠) وَرَثَتَكَ أغْنِياءَ، خَيْرٌ مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يتَكَفَّفُونَ النَّاسَ". ولأنَّهم وَرَثَةٌ يَسْتَحِقُّونَ مالَه بعدَ مَوْتِه، وصِلَتَهُ لهم في حَياتِه، فأشْبَهُوا ذَوِى الفُرُوضِ والعَصبَاتِ، وتَقْديمُ غيرِهم عليهم لا يَمْنَعُ مُسَاوَاتَهم لهم في مَسْأَلَتِنا، كذَوِى الفُرُوضِ الذين يَحْجُبُ بعضُهم بعضًا والعَصَباتِ.

فصل: فإن خَلَّفَ ذا فَرْضٍ لا يَرِثُ المالَ كُلَّه، وقال: أَوْصَيْتُ لِفُلانٍ بِثُلُثِى، على


(٤) في م: "حق".
(٥) تقدم تخريجه في: ٦/ ٣٧.
(٦) سقط من: م.
(٧) سورة النساء ١١.
(٨) في م: "ذو".
(٩) سقطت الواو من: م.
(١٠) في الأصل، أ: "تترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>