للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالَانِ، أو أمْوَالٌ، زَكَاتُها وَاحِدَةٌ، وتَخْتَلِفُ أحْوَالُها، مثل أن يكونَ عندَه نِصَابٌ، وقد اسْتَفَادَ في أثْنَاء الحَوْلِ من جِنْسِه دُونَ النِّصَابِ، لم يَجُزْ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ لِيَجْمَعَها كُلَّها؛ لأنَّه يُمْكِنُه جَمْعُها بِتَعْجِيلِها في أوَّل وَاجِبٍ منها.

فصل: فإن أخْرَجَ (٣٤) الزكاةَ، فلم يَدْفَعْهَا إلى الفَقِيرِ حتى ضَاعَتْ، لم تَسْقُطْ عنه. كذلك قال الزُّهْرِيُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، والثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيدٍ. وبه قال الشَّافِعِيُّ، إلَّا أنه قال: إنْ لم يَكُنْ فَرَّطَ في إخْرَاجِ الزكاةِ، وفي حِفْظِ ذلك المُخْرَجِ، رُجِعَ إلى مَالِه، فإنْ كان فيما بَقِيَ زكاةٌ أخْرَجَ (٣٥)، وإلَّا فلَا. وقال أصْحابُ الرَّأْيِ: يُزَكِّي ما بَقِيَ، إلَّا أنْ يَنْقُصَ عن النِّصَابِ، فتَسْقُطُ الزكاةُ، فَرَّطَ أو لم يُفَرِّطْ. [وقال مَالِكٌ: أرَاهَا تُجْزِئُه إذا أخْرَجَها في مَحَلِّها، وإن أخْرَجَها بعد ذلك ضَمِنَها] (٣٦). وقال مَالِكٌ: يُزَكِّي ما بَقِيَ بِقِسْطِه، وإن بَقِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. ولَنا، أنه حَقٌّ مُتَعَيِّنٌ على رَبِّ المالِ، تَلِفَ قبلَ وُصُولِه إلى مُسْتَحِقِّه، فلم يَبْرَأْ منه بذلك، كَدَيْنِ الآدَمِيِّ. قال أحمدُ: ولو دَفَعَ إلى رجلٍ (٣٧) زكاتَه خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فقبلَ أن يَقْبِضَها منه، قال: اشْتَرِ لِى بها ثَوْبًا أو طَعَامًا. فذَهَبَتِ الدَّرَاهِمُ، أو اشْتَرَى بها ما قال فضَاعَ منه، فعليه أن يُعْطِىَ مَكَانَها؛ لأنَّه لم يَقْبِضْها منه، ولو قَبَضَها منه ثم رَدَّها إليه، وقال: اشْتَرِ لي بها. فضَاعَتْ، أو ضَاعَ ما اشْتَرَى بها، فلا ضَمَانَ عليه إذا لم يَكُنْ فَرَّطَ. وإنَّما قال ذلك لأنَّ الزكاةَ لا يَمْلِكُها الفَقِيرُ إلَّا بِقَبْضِها، فإذا وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ بها كان التَّوْكِيلُ فَاسِدًا، لأنَّه وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ بما ليس له، وبَقِيَتْ على مِلْكِ رَبِّ المَالِ، فإذا تَلِفَتْ كانت مِن (٣٨) ضَمَانِه.


(٣٤) في أ، م: "أخر".
(٣٥) في م: "أخرجها".
(٣٦) سقط من: ب.
(٣٧) في م: "أحد".
(٣٨) في أ، م: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>