للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَبَها. وإِنْ قال: أرَدْتُ أنَّنِى كنتُ أهَنْتُكِ، أو أُحِبُّكِ، وقَدْ رَدَدْتُكِ بِفِرَاقِى إلى ذلك. فليس بِرَجْعَةٍ. وإِنْ أَطْلَقَ ولم يَنْوِ شَيْئًا، صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. ذَكَرَهُ القاضى؛ لأنَّه أتَى بِصَرِيحِ الرَّجْعَةِ، وضَمَّ إليه ما يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ بَيَانًا لِسَبَبِها، ويَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، فلا يَزُولُ (٢٠) اللَّفْظُ عن مُقْتَضاهُ بالشَّكِّ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ.

فصل: ولَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ على شَرْطٍ؛ لأنَّهُ اسْتِباحَةُ فَرْجٍ مَقْصُودٍ، فأَشْبَهَ النِّكاحَ، ولو قال: راجَعْتُكِ (٢١) إنْ شِئْتِ. لم يَصِحَّ كذلك. ولو قال: كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فقد راجَعْتُكِ. لم يَصِحَّ كذلك. ولأنَّهُ راجَعَها قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ الرَّجْعَةَ، فأَشْبَهَ الطَّلاقَ قَبْلَ النِّكاحِ. وإِنْ قال: إِنْ قَدِمَ أبوكِ، فقد رَاجَعْتُكِ. لم يَصِحَّ؛ لأنَّهُ تَعْلِيقٌ على شَرْطٍ.

فصل: فإنْ رَاجَعَها فى الرِّدِّةِ مِنْ أحَدِهما، فذَكَرَ أبو الخَطَّابِ أَنَّهُ لا يَصِحُّ. وهو صَحِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ، فلم يَصِحَّ مع الرِّدَّةِ، كالنِّكاحِ، ولأنَّ الرَّجْعَةَ تَقْرِيرُ النِّكاحِ (٢٢)، والرِّدَّةَ تُنافِى ذلك، فلم يَصِحَّ اجْتِماعُهما. وقال القاضى: إِنْ قُلْنا: تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ. لم تَصِحَّ الرَّجْعَةُ؛ لأَنَّهَا قد بانَتْ بها. وإِنْ قُلْنَا: لا تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. فالرَّجْعَةُ مَوْقُوفَةٌ، إِنْ أَسْلَمَ المُرْتَدُّ منهما فى العِدَّةِ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّه ارْتَجَعَها فى نِكَاحِه، ولِأَنَّهُ نَوْعُ إِمْسَاكٍ، فلم تَمْنَعْ منه الرِّدَّةُ، كما لو لم يُطَلَّقْ، وإِنْ لم يُسْلِمْ فى العِدَّةِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الفُرْقَةَ وَقَعَتْ قَبْلَ الرَّجْعَةِ. وهذا قَوْلُ المُزَنِىِّ. واخْتِيارُ ابنِ (٢٣) حامِدٍ. وهكذا يَنْبَغِى أَنْ يكونَ فيما إِذا رَاجَعَها بَعْدَ إِسْلامِ أَحَدِهما.


(٢٠) فى ب، م زيادة: "عن".
(٢١) فى م: "رجعتك".
(٢٢) فى أ، م: "للنكاح".
(٢٣) فى أ، ب، م: "أبى".

<<  <  ج: ص:  >  >>