للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْلَى. ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ صَيِّتًا، لِيُسْمِعَ (١٠) الناسَ، واختَارَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا مَحْذُورَةَ للأذانِ لكَوْنِه صَيِّتًا (١١)، وفي حديثِ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ؛ فإنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ" (١٢). ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ حسنَ الصَّوْتِ؛ لِأنَّه أَرَقُّ لسامِعِه.

فصل: ولا يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ على الأذانِ، في ظاهِرِ المذهَبِ، وكَرِهَه القاسمُ بنُ عبدِ الرَحمنِ (١٣)، والأوْزاعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى، وابنُ المُنْذِر؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعثمانَ بن أبي العاص: "وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أذَانِهِ أجْرًا". رواهُ أبو داودُ، وابنُ ماجَه، والتِّرْمِذِىُّ (١٤)، وقال: حديثٌ حسنٌ. ولأنه قُرْبَةٌ لفَاعِلِهِ، لا يَصِحُّ إلَّا من مسلِمٍ، فلم يُستأْجَرْ (١٥) عليه كالإِمامةِ. وحُكِىَ عن أحمد روايَةٌ أُخْرَى: أنه يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ عليه. ورَخَّصَ فيه مالكٌ، وبعضُ الشافِعيَّة؛ لأنَّه عَمَلٌ مَعْلُومٌ، يجوزُ أخْذُ الرِّزْقِ عليه، فجاز أخْذُ الأُجْرَةِ عليه، كسائِرِ الأعمالِ، ولا نعْلَمُ خِلَافًا في جوازِ أخذِ الرِّزْقِ عليه. وهذا قولُ الأوْزاعِىِّ، والشافعِىِّ؛ لأنَّ بالمُسْلِمِينَ حاجَةً إليه، وقد لا يُوجَدُ مُتَطَوِّعٌ به، وإذا لم يُدْفَع الرِّزْقُ فيه تَعَطَّلَ، ويَرْزُقُه الإِمامُ من الفَىْءِ؛ لأنَّه المُعَدُّ لِلْمَصَالِحِ، فهو كأرْزاق القُضَاةِ والغُزَاةِ، وإنْ وُجِدَ مُتَطَوِّعٌ به لمْ يُرْزَقْ غَيْرُه؛ لعَدَمِ الحاجةِ إليه.


(١٠) في م: "يسمع".
(١١) تقدم تخريجه، في صفحة ٥٧.
(١٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٥٦.
(١٣) هو أبو عبد اللَّه القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود الهذلى الكوفى، كان رجلا نبيلا، قاضيا بالكوفة، لا يأخذ أجرًا، أحد من قال له أبو حنيفة في نفر: أنتم مسارُّ قلبى، وجلاء حزنى، توفى سنة خمس وسبعين ومائة. الجواهر المضية ٢/ ٧٠٨ - ٧١٠.
(١٤) أخرجه أبو داود، في: باب أخذ الأجر على التأذين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٢٦. وابن ماجه، في: باب السنة في الأذان، من كتاب الأذان. سنن ابن ماجه ١/ ٢٣٦. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية أن يأخذ على الأذان أجرا، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١١. كما أخرجه النسائي، في: باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرًا، من كتاب الأذان. المجتبى ٢/ ٢٠. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢١٧.
(١٥) في م: "يستأجره".

<<  <  ج: ص:  >  >>