للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَّةُ، فلم يَحْصُلْ له التَّرَفُّهُ بأحَدِ السَّفَرَيْنِ، ولأنَّه أحْرَمَ بِالحَجِّ من مِيقَاتِه، فأشْبَهَ المُفْرِدَ.

فصل: وحَاضِرُو (٢٦) المَسْجِدِ الْحَرَامِ أهْلُ الحَرَمِ، ومَنْ بينَه وبينَ مَكَّةَ دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ. نَصَّ عليه أحمدُ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال مَالِكٌ: أهْلُ مَكَّةَ. وقال مُجاهِدٌ: أهْلُ الحَرَمِ. ورُوِىَ ذلك عن طَاوُسٍ. وقال مَكْحُولٌ، وأصحابُ الرَّأْىِ: مَن دُونَ المَواقِيتِ (٢٧)؛ لأنَّه مَوْضِعٌ شُرِع فيه النُّسُكُ، فأشْبَهَ الحَرَمَ. ولَنا، أنَّ حاضِرَ الشَّىْءِ مَن دَنَا منه، ومَنْ دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ قَرِيبٌ فى حُكْمِ الحاضِرِ؛ بِدَلِيلِ أنَّه إذا قَصَدَهُ لَا يَتَرَخَّصُ رُخَصَ السَّفَرِ (٢٨)، فيكونُ مِن حاضِرِيه. وتَحْدِيدُه بِالمِيقَاتِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه قد يكون بَعِيدًا، يَثْبُتُ له حُكْمُ السَّفَرِ البَعِيدِ إذا قَصَدَهُ، ولأنَّ ذلك يُفْضِى إلى جَعْلِ البَعِيدِ من حاضِرِيهِ، والقَرِيبِ من غيرِ حاضِرِيهِ، فإنَّ (٢٩) فى المَوَاقِيتِ قَرِيبًا وبَعِيدًا. واعْتِبَارُنَا أَوْلَى؛ لأنَّ الشَّارِعَ حَدَّ الحاضِرَ بدونِ مَسافَةِ القَصْرِ، بِنَفْىِ أحْكَامِ المُسَافِرِينَ عنه، فالاعْتِبَارُ به أوْلَى من الاعْتِبَارِ بِالنُّسُكِ؛ لِوُجُودِ لَفْظِ الحُضُورِ فى الآيَةِ.

فصل: إذا كان لِلْمُتَمَتِّعِ قَرْيَتانِ؛ قَرِيبَةٌ، وبَعِيدَةٌ، فهو من حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ؛ لأنَّه إذا كان بعضُ أهْلِه قَرِيبًا فلم يُوجَدْ فيه الشَّرْطُ، وهو أن لا يكونَ أهلُه (٢٩) من حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ. ولأنَّ له أن يُحْرِمَ من القَرِيبَةِ، فلم يكنْ بالتَّمَتُّعِ مُتَرَفِّهًا بِتَرْكِ أحَدِ السَّفَرَيْنِ. وقال القاضى: له حُكْمُ القَرْيَةِ التى يُقِيمُ


(٢٦) فى أ، ب، م: "وحاضرى". على حكاية لفظ الآية.
(٢٧) فى أ، ب، م: "الميقات".
(٢٨) فى الأصل: "المسافر".
(٢٩) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>