للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه لا يَصِحُّ. وهذا (٤٣) قولُ الثَّوْرِىِّ، وإسحاق (٤٤)، وأصْحَابِ الرَّأْى، في الفَرْضِ والنَّفْلِ جَمِيعًا؛ لأنَّه لم يَنْوِ الإِمامةَ في ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، فلم يَصِحَّ، كما لو ائْتَمَّ بمَأْمُومٍ. ورُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: في النَّفْسِ منها شَىْءٌ. مع أنَّ حَدِيثَ ابن عَبَّاسٍ يُقَوِّيه، وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ، وهو الصَّحِيحُ إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّه قد ثَبَتَ في النَّفْلِ بحديثِ ابنِ عَبَّاسِ، وحديثِ عائشةَ: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى من اللَّيْلِ وجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فرَأَى النَّاسُ شَخْصَ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقَامَ أنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصلاتِه. وقد ذَكَرْنَاهُ (٤٥). والأصْلُ مُسَاوَاةُ الفَرْضِ لِلنَّفْلِ في النِّيَّةِ، وقَوَّى ذلك حَدِيثُ جَابِرٍ وجَبَّارٍ في الفَرْضِ، ولأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى نَقْلِ النِّيَّةِ إلى الإِمامةِ فصَحَّ (٤٦) كحَالَة الاسْتِخْلَافِ، وبَيَانُ الحَاجَةِ أنَّ المُنْفَرِدَ إِذا جاءَ قَوْمٌ فأحْرَمُوا وَرَاءَه، فإن قَطَعَ الصلاةَ وأخْبَرهم (٤٧) بحَالِه قَبُحَ، وكانَ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْىِ بقَوْلِه تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (٤٨) وإن أتَمَّ الصلاةَ بهم، ثم أخْبَرَهُمْ بفسادِ صَلَاتِهم كان أقْبَحَ وأشَقَّ. ولأنَّ الانْفِرَادَ أحَدُ حَالَتَىْ عَدَمِ الإِمامةِ في الصلاةِ، فجازَ الانْتِقَالُ منها إلى الإِمامةِ، كما لو كان مَأْمُومًا، وقِياسُهم يَنْتَقِضُ بحالةِ الاسْتِخْلافِ.

فصل: وإن أحْرَمَ مُنْفَرِدًا، ثم نَوَى جَعْلَ نَفْسِه مَأْمُومًا، بأنْ يَحْضرَ جَمَاعَةً، فيَنْوِىَ الدُّخُولَ معهم في صلاتِهم، ففيه رِوَايَتانِ: إحْدَاهما، هو جائِزٌ، سَوَاءٌ كان في أوَّلِ الصلاةِ، أو قد صَلَّى رَكْعَةً فأكْثَرَ؛ لأنَّه نَقَلَ نَفْسَهُ إلى الجماعةِ، فجازَ، كما لو نَوَى الإِمامةَ. والثانية، لا يجوزُ؛ لأنَّه نَقَلَ نَفْسَه إلى جَعْلِه مَأْمُومًا من غير


(٤٣) سقطت واو العطف من: ا، م.
(٤٤) سقط من: م.
(٤٥) تقدم في صفحة ٤٦.
(٤٦) في م: "فصلى".
(٤٧) في أ، م: "وأخبر".
(٤٨) سورة محمد ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>