للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَرَصًا، أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ (١)، أو عَفْلاءَ، أَوْ فَتْقَاءَ، أَوْ الرَّجُلُ مَجْنُونًا، فَلِمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا (٢) بِصَاحِبِهِ الْخِيَارُ فِى فَسْخِ النِّكَاحِ)

الكلامُ فى هذه المسألة فى فصولٍ أربعةٍ:

الأول: أَنَّ خِيارَ الفَسْخِ يَثْبُتُ لكلِّ واحدٍ من الزَّوْجَيْنِ لِعَيْبٍ (٣) يَجِدُه فى صاحِبِه فى الجملةِ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ بن الخَطَّابِ، وابنِه، وابنِ عباسٍ. وبه قال جابرُ [بن زيد] (٤)، والشافعىُّ، وإسحاقُ. ورُوِىَ عن علىِّ: لا تُرَدُّ الحُرّةُ بِعَيْبٍ. وبه قال النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن ابنِ مسعودٍ: لا يَنْفَسِخُ النِّكاحُ بعَيْبٍ. وبه قال أبو حنيفةَ. وأصحابُه، إلَّا أن يكونَ الرجلُ مَجْبُوبًا أو عِنِّينًا، فإنَّ للمرأةِ الخِيارَ، فإن اخْتارتِ الفِرَاقَ، فَرّقَ الحاكمُ بينهما بطَلْقةٍ، ولا يكونُ فَسْخًا؛ لأنَّ وُجُودَ العَيْبِ لا يَقْتَضِى فَسْخَ النِّكاحِ، كالعَمَى والزَّمانةِ وسائرِ العُيُوبِ. ولَنا، أَنَّ المُخْتَلَفَ فيه عَيْبٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، فأثْبَتَ الخِيارَ، كالجَبِّ والعُنَّةِ، ولأنَّ المرأةَ أحدُ العِوَضَيْنِ فى النِّكاحِ، فجاز رَدُّه بالعَيْبِ (٥)، كالصَّداقِ، أو أحدُ العِوَضَيْنِ فى عَقْدِ النِّكاحِ، فجاز رَدُّه بالعَيْبِ، أو أحدُ الزَّوْجَيْنِ، فثَبَتَ له الخِيارُ بالعَيْبِ فى الآخَرِ كالمرأةِ. وأمَّا غيرُ هذه العُيُوبِ، فلا يَمْنَعُ المَقْصودَ بعَقْدِ النِّكاحِ، وهو الوَطْءُ، بخِلافِ العُيُوبِ المُخْتَلَفِ فيها. فإن قيل: فالجُنُونُ والجُذامُ والبَرَصُ لا يَمْنَعُ الوَطْءَ. قُلْنا: بل يَمنَعُه؛ فإنَّ ذلك يُوجِبُ نَفْرَةً تَمْنَعُ قُرْبانَه بالكُلِّيةِ ومَسَّه، ويُخَافُ منه التَّعَدِّى إلى نَفْسِه ونَسْلِه، والمَجْنُونُ (٦) يُخافُ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: أ، ب.
(٣) فى الأصل، ب: "للعيب".
(٤) سقط من: م.
(٥) فى الأصل، ب: "بعيب".
(٦) فى أ، ب: "والجنون".

<<  <  ج: ص:  >  >>