للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا تقدَّمَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: قال أحمدُ: أرجْوُ أن لا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه مَأْذونٌ للنَّاسِ في دُخولِه. ولو اسْتَحْفَظَ رَجلٌ آخرَ مَتاعَه في المسجدِ، فسُرِقَ، فإن كان قد فَرَّطَ في مُراعاتِه ونَظَرِه إليه، فعليه الغُرْمُ إذا كان الْتَزمَ حِفْظَه، وأجابَه إلى ما سألَه، وإن لم يُجِبْه، لكنْ سكتَ، لم يلزَمْه (٧٤) غُرْمٌ؛ لأنَّه ما قَبِلَ الاسْتيداعَ، ولا قَبَضَ المتاعَ، ولا قَطْعَ على السَّارِق فِي الموضِعَيْن؛ لأنَّه غيرُ مُحْرَزٍ. وإن حَفِظَ المتاعَ بِنَظَرِه إليه، وقُرْبِه منه، فسُرِقَ، فلا غُرْمَ عليه، وعلى السَّارِقِ القَطْعُ؛ لأنَّه سَرَقَ من حِرْزٍ. ويُفارِقُ المتاعَ في الْحَمَّامِ، فإنَّ الحِفْظَ فيه غيرُ مُمْكِنٍ؛ لأنَّ النَّاسَ يَضَعُ بعضُهم ثيابَه عندَ ثيابِ بعضٍ، ويَشْتَبِهُ على الحَمَّامىِّ صاحبُ الثيابِ، فلا يُمْكِنُه مَنْعُ (٧٥) أخْذِها؛ لعَدَمِ علْمِه بمالِكِها.

فصل: وحِرْزُ حائِطِ الدارِ كَوْنُه مَبْنِيًّا فيها، إذا كانتْ في العُمْرانِ، أو كانتْ في الصَّحْرَاءِ وفيها حافِظٌ، فإنْ أَخَذَ من أجْزاء الحائِطِ أو خَشَبِهِ نِصَابًا في هذه الحالِ، وَجَبَ قَطْعُه؛ لأنَّ الحائِطَ حِرْزٌ لغيرِه، فيكونُ حِرْزًا لنفسِه. وإن هَدَمَ الحائِطَ ولم يأخُذْه، فلا قَطْعَ عليه (٧٦) فيه، كما لو أتْلَفَ المتاعَ في الحِرْزِ (٧٧) ولم يَسْرِقْه. وإن كانتِ الدَّارُ بحيثُ لا تكونُ حِرْزًا لما فيها، كدارٍ في الصَّحْرَاءِ، لا حافِظَ فيها، فلا قَطْعَ على من أَخَذَ من حائِطِها شيئًا؛ لأنَّها إذا لم تكُنْ حِرْزًا لما فيها، فلنَفْسِها أوْلَى. وأمَّا بابُ الدَّارِ، فإن كان منصوبًا في مَكانِه، فهو مُحْرَزٌ، سواءٌ كان مُغْلَقًا أو مَفْتُوحًا؛ لأنَّه هكذا يُحْفَظُ، وعلى سارِقِه القَطْعُ إذا كانتِ الدَّارُ مُحْرَزَةً بما ذكرْناه. وأمَّا أبوابُ الْخَزائِنِ في الدَّارِ، فإن كان بابُ الدارِ مُغْلَقًا، فهى مُحْرَزَةٌ، سواءٌ كانتْ مَفْتُوحةً أو مُغْلَقَةً (٧٨)، وإن كان مفتوحًا، لم تكُنْ مُحْرَزَةً، إلَّا أن تكونَ مُغْلَقَةً، أو يكونَ في الدارِ حافِظٌ.


(٧٤) في الأصل، ب: "يلزم".
(٧٥) في الأصل: "منعه".
(٧٦) سقط من: الأصل، ب.
(٧٧) في م: "حرز".
(٧٨) في الأصل: "مغلوقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>