للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ ما حَرُمَ إِتْلَافُه، لم يَجُزْ أن يُرْسَلَ عليه ما يُتْلِفُه، كالصَّيْدِ. والثاني، يجوزُ. وهو مذهبُ عَطاءٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ الهَدَايا (٨) كانت تَدْخُلُ الحَرَمَ، فتَكْثُرُ فيه، فلم يُنْقَلْ أنَّه كانت تُشَدُّ (٩) أفْواهُها، ولأنَّ بهم حَاجَةً إِلى ذلك، أشْبَهَ قَطْعَ الإِذْخِرِ.

فصل: ويُباحُ أخْذُ الكَمْأَةِ (١٠) من الحَرَمِ، وكذلك الفَقْعُ (١١)؛ لأنَّه لا أصْلَ له، فأشْبَهَ الثَّمَرَةَ. ورَوَى حَنْبَلٌ، قال: يُؤْكَلُ من شَجَرِ الحَرَمِ الضَّغَابِيسُ (١٢)، والعِشْرِق (١٣)، وما سَقَطَ من الشَّجَرِ، وما أَنْبَتَ النّاسُ.

فصل: ويَجِبُ فى إِتْلَافِ الشَّجَرِ والحَشِيشِ الضَّمَانُ. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ، وعَطاءٍ. وقال مَالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ، ودَاوُدُ، وابنُ المُنْذِرِ: لا يَضْمَنُ؛ لأنَّ المُحْرِمَ لا يَضْمَنُه فى الحِلِّ، فلا يَضْمَنُ فى الحَرَمِ، كَالزَّرْعِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: لا أجِدُ دلالةً (١٤) أُوجِبُ بها (١٥) فى شَجَرِ الحَرَمَ فَرْضًا مِن كِتابٍ، ولا سُنَّةٍ، ولا إِجْمَاعٍ، وأقُولُ كما قال مَالِكٌ: نَسْتَغْفِرُ اللهَ تعالى. ولَنا، ما رَوَى أبو هَشِيمةَ، قال: رأيتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ، أمَرَ بِشَجَرٍ كان فى المَسْجِدِ يَضُرُّ بأَهْلِ الطَّوَافِ، فقُطِعَ، وفُدِىَ. قال: وذكر البَقَر (١٦). رَوَاهُ حَنبَلٌ فى "المَنَاسِكِ". وعن ابنِ عَبّاسٍ، أنَّه قال: فى الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وفى الْجَزْلَة شَاةٌ. والدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ العَظِيمَةُ. والْجَزْلَة: الصَّغِيرَةُ. وعن عَطاءٍ نحوُه. ولأنَّه


(٨) في م: "الهدى".
(٩) فى أ، ب، م: "تسد".
(١٠) الكمأة: فطر أرضية تنتفخ فتجنى وتؤكل مطبوخة.
(١١) الفقع من الكمأة: أردأ أنواعها.
(١٢) الضغبوس: القثاءة الصغيرة.
(١٣) العشرق: نبت يخالط الحنطة وغيرها في الزراعة.
(١٤) فى م: "دليلا".
(١٥) فى ب، م: "به".
(١٦) فى أ، ب، م: "البقرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>