للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلَامِى، وضَارِبْ به. قال مُهَنَّا. سَأَلْتُ أحمدَ عن رجلٍ قال: أَقْرِضْنِى أَلْفًا شَهْرًا، ثم هو بعدَ الشَّهْرِ مُضَارَبةٌ؟ قال: لا يَصْلُحُ (٥)؛ وذلك لأنَّه إذا أقْرَضَهُ (٦) صَارَ دَيْنًا عليه، وقد ذَكَرْنا أنَّه لا يجوزُ أن يُضَارِبَ بالدَّيْنِ الذي عليه. ولو قال: ضَارِبْ به شَهْرًا، ثم خُذْهُ قَرْضًا. جازَ؛ لما ذَكَرْنا فيما تَقَدَّمَ.

فصل: ومن شَرْطِ المُضَارَبةِ أن يكونَ رَأْسُ المالِ مَعْلُومَ المِقْدارِ. ولا يجوزُ أن يكونَ مَجْهُولًا ولا جُزَافًا، ولو شَاهَدَاهُ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يَصِحُّ إذا شَاهَداهُ، والقولُ قولُ العامِلِ مع يَمِينِه في قَدْرِه؛ لأنَّه أَمِينُ رَبِّ المالِ، والقولُ قولُه فيما في يَدَيْهِ (٧)، فقامَ ذلك مقامَ المَعْرِفَةِ به. ولَنا، أنَّه مَجْهُولٌ، فلم تَصِحَّ المُضَارَبةُ به، كما لو لم يُشَاهِدَاه؛ وذلك لأنَّه لا يَدْرِى بكم يَرْجِعُ عند المُفَاصَلَةِ، ولأنَّه يُفْضِى إلى المُنَازَعةِ والاخْتِلَافِ في مِقْدارِه، فلم يَصِحَّ، كما لو كان في الكِيسِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالسَّلَمِ، وبما إذا لم يُشَاهِدَاه.

فصل: ولو أحْضَرَ كِيسَيْنِ، في كلِّ واحدٍ منهما مالٌ مَعْلُومُ المِقْدارِ، وقال: قَارَضْتُكَ على أحَدِهِما. لم يَصِحَّ، سواءٌ تَسَاوَى ما فيهما أو اخْتَلَفَ؛ لأنَّه عَقْدٌ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ الجَهَالَةُ، فلم يَجُزْ على غيرِ مُعَيَّنٍ، كالبَيْعِ.

٨٣٩ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ فِي يَدِه وَدِيعَةٌ، جَازَ لَهُ أنْ يَقُولَ: ضَارِبْ بِهَا)

وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الحَسَنُ: لا يجوزُ حتى يَقْبِضَها منه، قِيَاسًا على الدَّيْنِ. ولَنا، أنَّ الوَدِيعَةَ مِلْكُ رَبِّ المالِ، فجازَ أن يُضَارِبَه عليها، كما لو كانت حاضِرَةً. فقال: قارَضْتُكَ على هذا الأَلْفِ. وأشارَ إليه (١) في زَاوِيةِ


(٥) في م: "يصح".
(٦) في أ: "اقترض".
(٧) في الأصل: "يده".
(١) في أ: "إليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>