نِصْفَ شاةٍ. وإن كان الأوَّلُ أخْرَجَ الزَّكَاةَ من غيرِ المالِ، وقُلْنَا: الزَّكاةُ تَتَعَلَّقُ بالذِّمَّةِ. وَجَبَ على المُشْتَرِى نِصْفُ شاةٍ. وإن قلنا تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ. فقال القاضى: يَجِبُ نِصْفُ شاةٍ أيضا؛ لأنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بالعَيْنِ، لا بِمَعْنَى أنَّ الفُقَراءَ مَلَكُوا جُزْءًا من النِّصابِ، بل بِمَعْنَى أنه تَعَلَّقَ حَقُّهُم به، كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الجنايَةِ بالجانِى، فلم يَمْنَعْ وُجُوبَ الزكاةِ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا شىءَ على المُشْتَرِى؛ لأنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بالعَيْنِ نَقَصَ النِّصابَ. وهذا الصَّحِيحُ؛ فإنَّ فَائِدَةَ قَوْلِنا: الزكاةُ تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ. إنَّما تَظْهَرُ فى مَنْعِ الزكاةِ، وقد ذَكَرَهُ القاضى فى غير هذا المَوْضِعِ. وعلى قِيَاسِ هذا، لو كان لِرَجُلَيْنِ نِصابُ خُلْطَةٍ، فبَاعَ أحدُهما خَلِيطَهُ فى بعض الحَوْلِ، فهى عَكْسُ المَسْأَلَةِ الأُولَى فى الصُّورَةِ، ومِثْلُها فى المَعْنَى؛ لأنَّه كان فى الأَوَّل خَلِيطَ نَفْسِه، ثم صارَ خَلِيطَ أَجْنَبِىٍّ، وهاهُنا كان خَلِيطَ أَجْنَبِىٍّ، ثم صارَ خَلِيطَ نَفْسِه. ومثلُه لو كان رَجُلَانِ مُتَوَارِثَانِ، لهما نِصابُ خُلْطَةٍ، فمات أحَدُهما فى بعضِ الحَوْلِ، فوَرِثَهُ صَاحِبُه، على قِياس قَوْلِ أبى بكرٍ، لا يَجِبُ عليه شىءٌ حتى يَتِمَّ الحَوْلُ على المَالَيْنِ، من حِينِ مِلْكِهِ لهما، إلَّا أن يكونَ أحَدُهما بِمُفْرَدِه يَبْلُغُ نِصابًا. وعلى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ حامِدٍ تَجِبُ الزكاةُ فى النِّصْفِ الذى كان له خَاصَّةً.
فصل: إذا اسْتَأْجَرَ أجِيرًا يَرْعَى له بِشاةٍ مُعَيَّنَةٍ من النِّصابِ، فحالَ الحَوْلُ، ولم يُفْرِدْها، فهما خَلِيطانِ تَجِبُ عليهما زكاةُ الخُلْطَةِ. وإن أفْرَدَها قبلَ الحَوْلِ، فلا شىءَ عليهما؛ لِنُقْصانِ النِّصابِ. وإن اسْتَأْجَرَهُ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ فى الذِّمَّةِ، صَحَّ أيضا، فإذا حَالَ الحَوْلُ، وليس له ما يَقْتَضِيهِ غيرَ النِّصَابِ، انْبَنَى على الدَّيْنِ، هل يَمْنَعُ الزكاةَ فى الأمْوَالِ الظَّاهِرَةِ؟ وسنَذْكُرُه فيما بعدُ، إن شاء اللَّه تعالى.