للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَعَتِ الحَاجَةُ إلى ذلك، بأن تكون الفَرِيضَةُ عَيْنًا وَاحِدَةً لا (١) يُمْكِنُ أخْذُها من المَالَيْنِ جَمِيعًا، أو لا يَجِدَ فَرْضَهُما جَمِيعًا إلَّا فى أحَدِ المَالَيْنِ، مثل أن يكونَ مالُ أحدِهما صِحَاحًا كِبَارًا، ومالُ خَلِيطِه صِغَارًا أو مِرَاضًا، فإنَّه تَجِبُ صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ، أو لم تَدْعُ الحاجَةُ إلى ذلك، بأن يَجِدَ فَرْضَ كُلِّ وَاحِدٍ من المَالَيْنِ فيه. قال أحمدُ: إنَّما يَجِىءُ المُصَدِّقُ فيَجِدُ المَاشِيَةَ، فيُصَدِّقُها، ليس يَجِىءُ فيقولُ: أىُّ شىءٍ لك؟ [وأىُّ شىءٍ لك؟ ] (٢) وإنَّما يُصَدِّقُ ما يَجِدهُ، والخَلِيطُ قد يَنْفَعُ وقد يَضُرُّ. قال الهَيْثَمُ بن خَارِجَةَ لأبى عبدِ اللهِ: أنا رَأَيْتُ مِسْكِينًا كان له فى غَنَمٍ شَاتَانِ، فجاءَ المُصَدِّقُ فأخَذَ إحْدَاهما. والوَجْهُ فى ذلك قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإنَّهُما يَتَرَاجَعَانِ بالسَّوِيَّةِ" (٣). وقولُه: "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" (٣). وهما خَشْيَتَانِ: خَشْيَةُ رَبِّ المالِ من زِيَادَةِ الصَّدَقَةِ، وخَشْيَةُ السَّاعِى من نُقْصَانِها. فليس لأرْبابِ الأمْوالِ أن يَجْمَعُوا أمْوَالَهُم المُتَفَرِّقَةَ، التى كان الوَاجِبُ فى كُلِّ واحِدٍ منها شَاةً، لِيَقِلَّ الوَاجِبُ فيها، ولا أن يُفَرِّقُوا أمْوَالَهُم المُجْتَمِعَةَ، التى كان فيها باجْتِماعِها فَرْضٌ، لِيَسْقُطَ عنها (٤) بِتَفْرِقَتِها (٥)، وليس لِلسَّاعِى أن يُفَرِّقَ بين الخُلَطَاءِ، لِتَكْثُرَ الزَّكَاةُ، ولا أن يَجْمَعَها إذا كانت مُتَفَرِّقَةً لِتَجِبَ الزكاةُ، ولأنَّ المَالَيْنِ قد صارَا كالمالِ الوَاحِدِ فى وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فكذلك فى إخْرَاجِها. ومتى أخَذَ السَّاعِى الفَرْضَ من مَالِ أحَدِهما، رَجَعَ على خَليطِه بِقَدْرِ قِيمَةِ حِصَّتِهِ من الفَرْضِ، فإذا كان لأحَدهما ثُلُثُ المالِ، ولِلْآخَر ثُلُثَاهُ، فأخَذَ الفَرْضَ من مَالِ صَاحِبِ الثُّلُثِ، رجع بِثُلُثَىْ


(١) فى الأصل: "ولا".
(٢) سقط من: م. أى لا يتجه إلى كل من الخليطين فيقول له هذا القول.
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠.
(٤) فى الأصل: "منها".
(٥) فى ب: "بتفريقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>