للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَرَ شهرًا؛ قُبِلَ؛ لأنَّها سَنَةٌ حقيقةً (١٧). وإن قال: نَوَيْتُ أنَّ ابْتداءَ السِّنِينَ أوّلُ السَّنَةِ الجديدةِ مِنَ المُحَرَّمِ. دِينَ. قال القاضى: ولا يُقبَلُ منه فى الحُكْمِ؛ لأنَّه خلافُ الظاهرِ. والأوْلَى أن يُخَرجَ على روايتينِ؛ لأنَّه مُحْتمِلٌ مُخالِفٌ للظَّاهرِ.

فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ إذا رأيتُ هلالَ رمضانَ. طَلُقَتْ برُؤْيةِ النَّاس له فى أوّلِ الشَّهرِ. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تَطْلُقُ إلَّا أن يَراه؛ لأنَّه علَّقَ الطَّلاق بِرُؤْيةِ نفسِه، فأشْبَهَ ما لو علَّقَه على رُؤْيةِ زيدٍ. ولَنا، أَنَّ الرُّؤْيةَ للهلالِ فى عُرْفِ الشَّرعِ العلمُ به فى أوَّلِ الشَّهرِ؛ بدليلِ قولِه عليه السَّلامُ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا" (١٨). والمرادُ به رُويةُ البعضِ، وحُصولُ العلمِ، فانْصَرفَ لفظُ الحالفِ إلى عُرْفِ الشَّرعِ، كما لو قال: إذا صلَّيْتُ فأنتِ طالق. فإنَّه يَنْصرِفُ إلى الصَّلاةِ الشَّرعيةِ، لا إلى الدُّعاءِ. وفارقَ رُؤْيةَ زيدٍ، فإنَّه لم يَثْبُتْ له عُرْفٌ شَرعىٌّ يُخالِفُ الحقيقةَ. وكذلك لو لم يَرَه أحدٌ، لَكِنْ ثَبَتَ الشَّهرُ بتمامِ العَدَدِ طَلُقَتْ؛ لأنَّه قد عَلِمَ طُلوعَه بتمامِ العَدَدِ. وإن قال: أرَدْتُ (١٩) إذا رأيتُه بعَيْنِى. قُبِلَ؛ لأنَّها رُؤْيةٌ حقيقةً. وتَتَعلَّقُ الرُّؤيةُ برؤيةِ الهلالِ بعدَ الغروبِ، فإن رأَى قبلَ ذلك لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ هلالَ الشَّهرِ ما كان فى أوَّلِه، ولأنَّنا جعلْنَا رؤيةَ الهلالِ عبارةً عن دُخولِ أوَّلِ الشَّهرِ. ويَحْتمِلُ أن تَطْلُقَ برؤيتِه قبلَ الغروبِ؛ لأنَّه يُسَمَّى رُؤيةً، والحُكْمُ مُتَعَلِّقٌ به فى الشَّرْعِ. فإن قال: أردتُ إذا رأيتُه أنا بعَيْنِى. فلم يَرَه حتى أقْمَرَ، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّه ليسَ بهلالٍ. واختُلِفَ فيما يَصيرُ به قَمَرًا، فقِيلَ: بعدَ ثالثةٍ. وقِيلَ: إذا اسْتدارَ. وقيل إذا بَهَرَ ضَوؤُه.

فصل: قال أحمدُ: إذا قال لها: أنتِ طالقٌ ليلةَ القَدْرِ. يَعتزِلُها إذا دخلَ العَشْرُ وقبلَ العَشْرِ، أهلُ المدينةِ يَرَونَها فى السَّبْعَ عشرةَ، إلَّا أَنَّ المُثبَتَ عن النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى العشرِ


(١٧) فى أ: "حقيقية".
(١٨) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٣٣٠، ٣٣١.
(١٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>