للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْلِكُ إيقاعَه فى كلِّ سنةٍ، فإذا جعلَ ذلك صِفَةً، جازَ، ويَكونُ ابْتداءُ المُدَّةِ عَقِيبَ يَمينِه؛ لأنَّ كلَّ أجَلٍ ثَبَتَ بِمُطْلَقِ العَقْدِ، ثبتَ عَقِيبَه، كقولِه: واللَّهِ لا كَلَّمْتُك سَنَةً. فيَقعُ فى الحالِ طَلْقةٌ؛ لأنَّه جعلَ السَّنَةَ ظرفًا للطَّلاقِ، فتَقَعُ فى أوَّلِ جُزْءٍ منها، وتَقعُ الثَّانيةُ فى أوَّلِ الثَّانية، والثَّالثةُ فى أوَّلِ الثالثةِ، إن دخَلَتَا (١٣) عليها وهى فى نكاحِه، لكَوْنِها لم تَنْقَض عِدَّتُها، أو ارْتَجعَها فى عِدَّةِ الطلْقةِ الأولى وعِدَّةِ الثَّانية، أو جَدَّدَ نكاحَها بعدَ أن بانَتْ، فإن انقضتْ عِدَّتُها فبانَتْ منه، ودخلَتِ السُّنَّةُ الثَّانيةُ وهى بائنٌ، لم تَطْلُقْ؛ لكَوْنِها غيرَ زوجةٍ له (١٤). فإن تَزوَّجَها فى أثنائِها، اقْتضَى قولُ أكثرِ أصحابِنا وُقوعَ الطَّلاقِ عَقِيبَ تَزْويجِه لها؛ لأنَّه جُزْءٌ مِنَ السُّنَّةِ الثَّانيةِ التى جعلَها ظرفًا للطَّلاقِ، ومَحَلًّا له، وكان سبيلُه أن تَقعَ فى أوَّلِها، فمَنَعَ منه كونُها غيرَ مَحَلٍّ لطلاقِه (١٥)؛ لعدمِ نكاحِه حينئذٍ، فإذا عادتِ الزَّوجِيَّةُ، وقعَ فى أوَّلِها. وقال القاضى: تَطْلُقُ بدخولِ السَّنَةِ الثالثةِ. وعلى قول التَّمِيمِىِّ ومَنْ وافقَه، تَنْحَلُّ الصِّفةُ بوُجودِها فى حالِ البَيْنُونةِ، فلا تَعودُ بحالٍ. وإن لم يَتَزوَّجْها حتى دخلتِ السَّنَةُ الثَّالثةُ، ثم نكَحَها، طَلُقَتْ عَقِيبَ تَزْويجِها، ثم طَلُقَتِ الثَّالثةَ بدخولِ السَّنَةَ الرَّابعةِ. وعلى قولِ القاضى، لا تَطْلُقُ إلَّا بدخولِ الرَّابعةِ، ثم تَطْلُقُ الثَّالثةَ بدُخولِ الخامسةِ. وعلى قول التَّمِيمِىِّ، قد انْحَلَّتِ الصِّفةُ. واختُلِفَ فى مَبْدأ السَّنَةِ الثانية؛ فظاهرُ ما ذكَرَه القاضى، أَنَّ أوّلَها بعدَ انقضاءِ اثنَىْ عَشَرَ شهرًا مِن حينِ يَمِينه؛ لأنَّه جَعلَ ابتداءَ المُدَّةِ حينَ يَمِينه. وكذلك قالَ أصحابُ الشّافعىِّ. وقال أبو الخطَّاب: ابْتداءُ السَّنَةِ الثَّانيةِ أوّلُ المُحَرَّمِ؛ لأنَّها السَّنَةُ المعروفةُ، فإذا علَّقَ ما يَتَكَرَّرُ على تَكَرُّرِ السِّنِينَ، انْصرَفَ إلى السِّنِينَ المعروفةِ، كقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلِّ عَامٍ} (١٦). وإن قال: أردتُ بالسَّنَةِ اثنَىْ


(١٣) فى الأصل: "دخلت".
(١٤) سقط من: أ، ب، م.
(١٥) فى ب، م: "للطلاق".
(١٦) سورة التوبة ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>