للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلصَّيْدِ، وجَوَارِحِ الطَّيْرِ التي لا يُصَادُ بها؛ لأنَّه نَقْلٌ لِلْمِلْكِ (٣) فيها في الحَياةِ، فأشْبَهَ البَيْعَ، ولأنَّ الوَقْفَ تَحْبِيسُ الأصْلِ وتَسْبِيلُ المَنْفَعةِ، وما لا مَنْفَعةَ فيه لا يَحْصُلُ فيه تَسْبِيلُ المَنْفَعةِ، والكَلْبُ أُبِيحَ الانْتِفاعُ به على خِلَافِ الأصْلِ لِلضَّرُورَةِ، فلم يَجُز التَّوَسُّعُ فيها، والمَرْهُونُ في وَقْفِه إبْطَالُ حَقِّ المُرْتَهِنِ منه، فلم يَجُزْ (٤) إبْطَالُه. ولا يَصِحُّ الوَقْفُ فيما ليس بمُعَيَّنٍ، كعَبْدٍ في الذِّمَّةِ، ودارٍ، وسِلَاحٍ؛ لأنَّ الوَقْفَ إبْطَالٌ لِمَعْنَى المِلْكِ فيه، فلم يَصِحَّ في عَبْدٍ مُطْلَقٍ، كالعِتْقِ (٥).

فصل: قال أحمدُ، في مَن وَصَّى بِفَرَسٍ وسَرْجٍ ولِجَامٍ مُفَضَّضٍ، يُوقَفُ في سَبِيلِ اللَّه: فهو على ما وَقَفَ وَوَصَّى، وإن بيعَ الفِضَّةُ من السَّرْجِ واللِّجَامِ، وجُعِلَ في وَقْفِ مِثْلِه، فهو أحَبُّ؛ لأنَّ الفِضَّةَ لا يُنْتَفَعُ بها، ولعلَّه يَشْتَرِى بتلك الفِضَّةِ سَرْجًا ولِجَامًا، فيكونُ أنْفَعَ لِلمُسْلِمينَ. فقيل له: تُبَاعُ الفِضَّةُ، وتُجْعَلُ في نَفَقَتِه؟ قال: لا. فأباحَ أن يَشْتَرِيَ بِفِضَّةِ السَّرْجِ واللِّجَامِ سَرْجًا ولِجَامًا؛ لأنَّه صَرْفٌ لهما في جِنْسِ ما كانت عليه، حينَ لم يُنْتَفَعْ بهما فيه. فأشْبَه الفَرَسَ الحَبِيسَ إذا عَطِبَ فلم يُنْتَفَعْ به في الجِهَادِ، جازَ بَيْعُه، وصَرْفُ ثَمَنِه في مِثْلِه، ولم يَجُزْ إنْفاقُها (٦) على الفَرَسِ؛ لأنَّه صَرْفٌ لها إلى غيرِ جِهَتِها.

٩٢٨ - مسألة؛ قال: (ويَصِحُّ الْوَقْفُ فِيمَا عَدَا ذلِكَ)

وجملةُ ذلك أنَّ الذي يجوزُ وَقْفُه، ما جازَ بَيْعُه، وجازَ الانْتِفَاعُ به مع بَقَاءِ عَيْنِه، وكان أصْلًا يَبْقَى بَقَاءً مُتَّصِلًا، كالعَقَارِ، والحَيَواناتِ، والسِّلَاحِ، والأثَاثِ، وأشْباهِ ذلك. قال أحمدُ، في رِوَايةِ الأثْرَمِ: إنَّما الوَقْفُ في الدُّورِ والأَرَضِينَ، على ما وَقَفَ أصْحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال في مَن وَقَفَ خَمْسَ نَخَلَاتٍ على مَسْجِدٍ:


(٣) في الأصل: "الملك".
(٤) في الأصل: "يصح".
(٥) في الأصل: "كالعين".
(٦) في م: "إيقافها".

<<  <  ج: ص:  >  >>