للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأةَ إنَّما كَرِهَها على غيرِ وَجْهِ التَّحْرِيمِ، فيكونُ مثلَ قولِ أحمدَ هذا. قال أحمدُ: ولا يَطَؤُها حتى يَسْتَبْرِئَها بثلاثِ حِيَضٍ. وذلك لما رَوَى رُوَيْفِعُ بن ثابتٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ (٤٢) يَوْمَ حُنَيْن: "لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخَرِ يَسْقِى مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ" (٤٣). يعنى إتْيانَ الحَبَالَى. ولأنَّها ربَّما تأتِى بوَلَدٍ من الزِّنَى فيُنْسَبُ إليه. والأَوْلَى أنَّه يَكْفِى اسْتِبْراؤُها [بحَيْضَةٍ واحدةٍ] (٤٤)؛ لأنَّها تكْفِى فى اسْتِبْراءِ الإِماءِ، وفى أُمِّ الوَلَدِ إذا عَتَقَتْ بمَوْتِ سَيِّدِها، أو بإعْتاقِ سَيِّدِها، فيَكْفِى ههُنا، والمَقْصودُ (٤٥) ههُنا مُجَرَّدُ الاسْتِبْراءِ، وقد حَصَلَ بحَيْضةٍ فيُكْتَفَى بها.

فصل: وإذا عَلِمَ الرجلُ من جاريَتِه الفُجُورَ، فقال أحمدُ: لا يَطَؤُها؛ لعَلَّها تُلْحِقُ به ولَدًا ليس منه. قال ابنُ مسعودٍ: أكْرَهُ أن أطَأَ أَمَتِى وقد بَغَتْ (٤٦). وروى مالكٌ، عن يَحْيَى بن سعيدٍ، عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، أنَّه كان يَنْهَى أن يَطَأَ الرجلُ أمَتَه وفى بَطْنِها ولدٌ جَنِينٌ لغيرِه (٤٧). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا مُجْمَعٌ على تَحْرِيمه. وكان ابنُ عباسٍ يُرَخِّصُ فى وَطْءِ الأَمَةِ الفاجِرَةِ (٤٨). ورُوِىَ ذلك عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ. ولعل مَنْ كَرِه ذلك كَرِهَه قبلَ الاسْتِبْراءِ، أو إذا لم يُحَصِّنْها ويَمْنَعْها (٤٩) من الفُجُورِ، ومَن أباحَهُ (٥٠) بعدَهما، فيكونُ القَوْلان مُتَّفِقَيْنِ. واللَّه تعالى أعلم.


(٤٢) فى الأصل، م: "يقوم".
(٤٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٦١.
(٤٤) فى م: "بالحيضة الواحدة".
(٤٥) فى م: "والمنصوص".
(٤٦) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الرجل يطأ جارية بغيا، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٢٠٨. وسعيد بن منصور، فى: باب الرجل تكون له الأمة الفاجرة فتحصنه، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٥٨.
(٤٧) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى الرجل يشترى الجارية وهى حامل. . .، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٣٧٠.
(٤٨) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الرجل يطأ جارية بغيا، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٢٠٨. وسعيد بن منصور، فى: باب الرجل تكون له الأمة الفاجرة فتحصنه، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٥٨، ٥٩.
(٤٩) فى م: "أو يمنعها".
(٥٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>