للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالِكٌ: لا يَنْزِلُ؛ لأنَّه صلاةُ تَطَوُّعٍ، فلا يَشْتَغِلُ بها في أثْناء الخُطْبَةِ، كصلاةِ رَكْعَتَيْنِ. ولَنا، فِعْلُ عمرَ وتَرْكُه، وفِعْلُ مَنْ سَمَّيْنَا من الصَّحابَةِ، رَحْمَةُ اللَّه عليهم، ولأنَّه سُنَّةٌ وُجِدَ سَبَبُها، لا يَطُولُ الفَصْلُ بها، فَاسْتُحِبَّ فِعْلُها، كحَمْدِ اللَّه تعالى إذا عَطَسَ، وتَشْمِيتِ العَاطِسِ. ولا يَجِبُ ذلك؛ لما قَدَّمْنَا مِن أنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ غيرُ وَاجِبٍ. ويُفَارِقُ صلاةَ رَكْعَتَيْنِ، لأنَّ سَبَبَهَا لم يُوجَد، ويَطُولُ الفَصْلُ بها.

فصل: والمُوَالَاةُ شَرْطٌ في صِحَّةِ الخُطْبَةِ. فإنْ فَصَلَ بَعْضَها من بَعْضٍ، بكلامٍ طَوِيلٍ، أو سُكُوتٍ طَوِيلٍ، أو شيءٍ غيرِ ذلك يَقْطَعُ المُوَالَاة، اسْتَأْنَفَها. والمَرْجِعُ في طُولِ الفَصْلِ وقِصَرِه إلى العادَةِ. وكذلك يُشْتَرَطُ المُوالاةُ بين الخُطْبَةِ والصلاةِ. وإن احْتاجَ إلى الطَّهارَةِ تَطَهَّرَ، وبَنَى على خُطْبَتِه، ما لم يَطُلِ الفَصْلُ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ، ولِنَفْسِه، والحاضِرِينَ، وإن دَعَا لِسُلْطانِ المسلمين بالصَّلَاحِ فحَسَنٌ. وقد رَوَى ضَبَّةُ بن مِحْصَنٍ (٣٢)، أنَّ أبا موسى كان إذا خَطَبَ، فحَمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه، وصَلَّى على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يَدْعُو لِعمرَ، وأبي بكرٍ. وأنْكَرَ عليه ضَبَّةُ البِدايَةَ بِعمرَ قبلَ الدُّعاءِ لأبي بكرٍ، وَرَفَعَ ذلك إلى عمرَ، فقال لِضَبَّةَ: أنتَ أوْفَقُ (٣٣) منه وأرْشَدُ. وقال القاضي: لا يُسْتَحَبُّ ذلك؛ لأن عَطاءً قال: هو مُحْدَثٌ. وقد ذَكَرْنا فِعْلَ الصَّحابةِ له، وهو مُقَدَّمٌ على قَوْلِ عَطاءٍ؛ ولأنَّ سُلْطانَ المُسلمين إذا صَلَحَ كان فيه صَلاحٌ لهم، ففى الدُّعَاءِ له دُعاءٌ لهم، وذلك مُسْتَحَبٌّ غيرُ مَكْرُوهٍ.

٢٨٤ - مسألة؛ قال: (ويَنْزِلُ فَيُصَلِّى بهم الجُمُعةَ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ في كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدُ للهِ (١)، وسُورَةً)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ صلاةَ الجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ عَقِيبَ الخُطْبَةِ، يَقْرَأُ في كُلِّ


(٣٢) في م: "محسن" تحريف. وهو ضبة بن محصن العنزى الكوفى، ثقة، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٤/ ٤٤٢.
(٣٣) في أ، م: "أوثق".
(١) لم يرد في: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>