للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماءَه زَرْعَ غيرِه، ثم نَنْظُرُ؛ فإن وَضَعَتِ الولدَ لأقَلَّ من سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ تَزَوَّجَها الثاني ووَطِئَها، فنِكاحُه باطِلٌ؛ لأنَّه نَكَحَها وهى حامِلٌ، وإن أتَتْ به لأكثرَ من ذلك، فالولدُ لَاحِقٌ به، ونِكاحُه صحيحٌ. الحال الثالث، ظَهَرتِ الرِّيبَةُ بعدَ قضَاءِ العِدَّةِ وقبلَ النِّكاحِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا يَحِلُّ لها أن تتزوَّجَ، وإن تزوَّجَتْ فالنكاحُ باطلٌ؛ لأنَّها تتزوَّجُ مع الشَّكِّ فى انْقِضاءِ العِدَّةِ (٦)، فلم يَصِحَّ، كما لو وُجِدَتِ الرِّيبَةُ فى العِدَّةِ، ولأنَّنا لو صَحَّحْنا النكاحَ، لَوقَعَ مَوقُوفًا، ولا يجوزُ كَوْنُ النكاحِ مَوقوفًا، ولهذا لو أسْلَمَ وتخَلَّفَتِ امرأتُه فى الشِّرْكِ، لم يَجُزْ أن يتزوَّجَ أُخْتَها؛ لأنَّ نِكاحَها يكونُ مَوْقوفًا على إسْلامِ الأُولَى. والثاني، يَحِلُّ لها النكاحُ، ويَصِحُّ؛ لأنَّنا حكَمْنا بانْقِضاءِ العِدَّةِ، وحِلِّ النِّكاحِ، وسُقُوطِ النفقةِ والسُّكْنَى، فلا يجوزُ زَوالُ ما حُكِمَ به بالشكِّ (٧) الطَّارِئِ، ولهذا لا يَنْقُضُ الحاكمُ ما حكمَ به بتَغَيُّرِ اجْتِهادِه ورُجُوعِ الشُّهُودِ.

فصل: وإذا طَلَّقَ واحدةً من نِسائِه لا يُعَيِّنُها، أُخْرِجَتْ بالقُرْعةِ، وعليها العِدَّةُ دُونَ غيرِها، وتُحْسَبُ (٨) عِدَّتُها من حينَ طَلَّقَ، لا من حينِ القُرْعةِ. وإن طَلَّقَ واحدةً بعَيْنِها وأُنْسِيَها، ففى قَوْلِ (٩) أصْحابِنا، الحكمُ فيها كذلك. والصحيحُ أنَّه يَحْرُمُ عليه الجميعُ، فإن مات فعلَى الجميعِ الاعْتِدادُ بأقْصَى الأَجَلَيْنِ، من عِدَّةِ الطَّلاقِ والوفاةِ؛ لأنَّ النكاحَ كان ثابتًا بيَقِينٍ، وكل واحدةٍ منهنّ (١٠) يجوز أن تكونَ هى (١١) المطَلَّقةَ (١٢)، وأن تكونَ زوجةً، فوَجَبَ أقْصَى الأجَلَيْنِ إنْ كان الطَّلاقُ بائِنًا، ليسْقُطَ الفَرْضُ بيَقِينٍ، كمَنْ نَسِىَ صلاةً من يومٍ لا يَعْلَمُ عَيْنَها، لَزِمَه أن يُصَلِّىَ خَمْسَ صلواتٍ، لكن (١٣)


(٦) فى أ: "عدتها".
(٧) فى ب، م: "الشك".
(٨) فى الأصل: "وتجب".
(٩) سقط من: ب، م.
(١٠) فى أ، ب: "منهما".
(١١) سقط من: الأصل، أ.
(١٢) فى ب زيادة: "ويجوز".
(١٣) فى م: "ولكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>