للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعَتَيْنِ في بَيْعةٍ، فكيف يَفْعَلُه عمَرُ، رَضِىَ اللَّه عنه؟ قُلْنا: يَحْتَمِلُ أنَّه قال ذلك (٨) لِيُخَيِّرَهُم في أىِّ العَقْدَيْنِ شاءُوا، فمن اخْتارَ عَقْدًا عَقَدَه معه مُعَيَّنًا، كما لو قال في البَيْعِ: إن شِئْتَ بِعْتُكَه بعَشرَةٍ صِحَاحٍ، وإن شِئْتَ بأحَدَ عَشَرَ مُكَسَّرَةً (٩). فاخْتارَ أحَدَهُما فعَقَدَ البَيْعَ معه عليه مُعَبَّنًا. ويَجُوزُ أن يكون (١٠) مَجِيئُه بالبَذْرِ، أو شُرُوعُه في العَمَلِ بغير بَذْرٍ، مع إقْرارِ عمرَ له على ذلك وعِلْمِه به، جَرَى مَجْرَى العَقْدِ، ولهذا رُوِى عن أحمدَ صِحَّةُ الإِجَارَةِ فيما إذا قال: إن خِطْتَه (١١) رُومِيًّا فلك دِرْهَمٌ، وإن خِطْتَه فارِسِيًّا فلَكَ نِصْفُ دِرْهمٍ. وما ذَكَرَه أصْحابُنا من القِيَاسِ يُخَالِفُ ظاهِرَ النَّصِّ والإِجْماعِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْناهُما، فكيف يُعْمَلُ به؟ ثم هو مُنْتَقِضٌ بما إذا اشْتَرَكَ (١٢) مَالَانِ وبَدَنُ صاحِبِ أحَدِهِما.

فصل: فإن كان البَذْرُ منهما نِصْفَيْنِ، وشَرَطَا أنَّ الزَّرْعَ بينهما نِصْفانِ، فهو بينهما، سواءٌ قُلْنا بِصِحَّةِ المُزَارَعةِ أو فَسَادِها؛ لأنَّها إن كانتْ صَحِيحَةً، فالزَّرْعُ بينهما على ما شَرَطاه، وإن كانتْ فاسِدَةً فلكلِّ واحدٍ منهما بِقَدْرِ بَذْرِه، لكنْ إن حَكَمْنا بصِحَّتِها، لم يَرْجِعْ أحَدُهُما على صَاحِبه يشىءٍ. وإن قُلْنا: من شَرْطِ صِحَّتِها إخْراجُ رَبِّ المالِ البَذْرَ. فهى فاسِدَةٌ، فعلى العامِلِ نِصْفُ أجْرِ الأرْضِ، وله على رَبِّ الأرْضِ (١٣) نِصْفُ أجْرِ عَمَلِه، فيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ الأقَلِّ منهما، ويَرْجِعُ أحَدُهُما على صَاحِبه بالفَضْلِ. وإن شَرَطَا التَّفَاضُلَ في الزَّرْعِ، وقُلْنا بصِحَّتِها، فالزَّرْعُ بينهما على ما شَرَطاهُ، ولا تَرَاجُعَ بينهما. وإن قُلْنا بفَسَادِها، فالزَّرْعُ بينهما على قَدْرِ بَذْرِهِما، ويَتَراجَعانِ، كما ذَكَرْنا.


(٨) سقط من: ب.
(٩) في م: "مكسورة".
(١٠) سقط من الأصل.
(١١) في الأصل: "جعلته".
(١٢) في الأصل: "أشرك".
(١٣) في ب: "المال".

<<  <  ج: ص:  >  >>