للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرةِ مُسْلِمًا، كسائرِ الوِلاياتِ، ولأنَّ هذه تحتاجُ إلى التَّزْويج. ولا وَلِىَّ لها غيرُ سَيِّدِها. فأمَّا السلطانُ، فله الوِلايةُ على مَنْ لا وَلِىَّ لها من أهلِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّ وِلايَتَه عامَّةٌ على أهلِ دارِ الإسْلامِ، وهذه من أهلِ الدارِ، فتَثْبُتُ له الوِلايةُ عليها، كالمُسْلمةِ. وأمَّا الكافرُ، فتثبتُ له الولايةُ على أهلِ دِينِه، على حَسَبِ ما ذَكَرْناه فى (٩) المسلمينَ، ويُعْتَبَرُ فيهم الشُّروطُ المُعْتَبَرَةُ فى المسلمينَ، ويُخَرجُ فى اعْتِبارِ عَدالَتِه فى دِينِه وَجْهان، بِناءً على الرِّوايتَيْنِ فى اعْتبارِها فى المسلمين.

فصل: إذا تَزَوَّجَ المسلمُ ذِمِّيةً، فوَلِيُّها الكافرُ يُزَوِّجُها إيَّاه. ذَكَره أبو الخَطَّابِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّه وَلِيُّها، فصَحَّ تَزْوِيجُه لها، كما لو زَوَّجَها كافرًا، ولأنَّ هذه امرأةٌ لها (١٠) وَلِى مُناسِبٌ، فلم يَجُزْ أن يَلِيَهَا غيرُه، كما لو تَزَوَّجَها ذِمِّىٌّ. وقال القاضى: لا يُزَوِّجُها إلَّا الحاكمُ؛ لأنَّ أحمدَ قال: لا يَعْقِدُ يَهُودِىٌّ ولا نَصْرانىٌّ عُقْدَةَ (١١) نِكاحٍ لمُسْلمٍ ولا مُسْلِمةٍ. ووَجْهُه أنَّه عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلى شهادةِ مُسْلِمَيْنِ، فلم يَصِحَّ بوِلايةِ كافرٍ، كنِكاحِ المسلمين. والأولُ أصَحُّ، والشُّهودُ يُرادُون لإثباتِ النِّكاحِ عندَ الحاكمِ، بخِلافِ الوِلايةِ.

١١١٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرُهُ أوْلَى مِنْهُ، وَهُوَ حَاضِرٌ، وَلَمْ يَعْضُلْهَا، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ)

هذه المسألة تشْتَمِلُ على أحكامٍ ثلاثة؛ أحدها، أنَّه إذا زَوَّجها الوَلِىُّ (١) الأبْعدُ، مع حُضُورِ الوَلِى الأقْرَبِ، فأجَابَتْه إلى تَزْوِيجِها من غيرِ إذْنِه، لم يَصِحَّ. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال مالكٌ: يَصِحُّ؛ لأنَّ هذا وَلِىٌّ، فصَحَّ (٢) أن يُزَوِّجَها بإذْنِها كالأقرَبِ.


(٩) فى الأصل: "من".
(١٠) فى م: "ولها".
(١١) فى أ، ب، م: "عقد".
(١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢) فى ب، م: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>