للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ [عن الرَّجُلِ] (١٩) يَقُومُ حين يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ مُبَادِرًا يَرْكَعُ؟ فقال: يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ رُكوعُهُ بعدَ مَا يَفْرُغُ المُؤَذِّنُ، أو يَقْرُبُ مِنَ الفَرَاغِ؛ لأنَّه (٢٠) يقالُ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ حِينَ يَسْمَعُ الأذَانَ، فلا يَنْبَغِى أنْ يُبَادِرَ بِالقِيَامِ. وإنْ دَخَلَ المَسْجِدَ فَسَمِعَ المُؤَذِّنَ اسْتُحِبَّ لَهُ انْتِظَارُهُ ليَفْرُغَ، ويقُولُ مِثْلَ ما يَقُولُ جَمْعًا بين الفَضِيلَتَيْنِ. وإنْ لم يَقُلْ كقَوْلِهِ وافْتَتَحَ الصلاةَ، فلا بأْسَ. نَصَّ عليهِ أحمدُ.

فصل: ولا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ على مُؤَذِّنَيْنِ؛ لأنَّ الذي حُفِظَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهُ كان مُؤَذِّنَانِ، بِلالٌ، وَابْنُ أَمِّ مَكْتُومٍ. إلَّا أنْ تَدْعُو الحاجةُ إلى الزِّيَادَةِ عليهما فيَجُوزُ، فقد رُوِىَ عن عُثْمَانَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّهُ كانَ له أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ. وإنْ دَعَتِ الحَاجَةُ إلى أَكْثَرَ منه، كان مَشْروعًا، وإذا كانُوا (٢١) أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وكان الواحِدُ يُسْمِعُ الناسَ، فَالمُسْتَحَبُّ أنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بعدَ واحِدٍ؛ لأَنَّ مُؤَذِّنِى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أحَدُهُمَا يُؤَذِّنُ بعدَ الآخَرِ. وإنْ كان الإعْلَامُ لا يَحْصُلُ بِواحِدٍ، أَذَّنُوا على حَسَبِ ما يُحْتَاجُ إليه؛ إمَّا أنْ يُؤَذِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ في مَنَارَةٍ أو نَاحِيَةٍ، أوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. قال أحمدُ: إنْ أذَّنَ عِدَّةٌ في مَنَارَةٍ فلا بأْسَ، وإنْ خَافُوا مِن تَأْذِينِ واحدٍ بعدَ الآخَر فوَاتَ أَوَّلِ الوَقْتِ، أَذَّنُوا جَمِيعًا دَفْعَةً وَاحِدَةً.

فصل: ولا يُؤَذَّنُ قبلَ المُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ، إلَّا أَنْ يَتَخَلَّفَ أو يُخَافَ (٢٢) فواتُ وقتِ التَّأْذِينِ، فَيُؤَذِّنُ غيْرُه، كما رُوِىَ عن زيادِ بنِ الحارِثِ الصُّدَائِىِّ، أنَّهُ أذَّنَ للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين غابَ بلَالٌ، وقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَه (٢٣). وأذَّنَ رَجُلٌ جن غابَ أبو


(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) سقط من: الأصل.
(٢١) في م: "كان".
(٢٢) في م: "ويخاف".
(٢٣) تقدم في صفحة ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>