للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَديثين (٨). [ولَنا، أنَّه لو صلَّى بحَضْرةِ الطَّعامِ، أو قلْبُه مشغولٌ بشيءٍ من الدنيا، صَحَّتْ صلاتُه. كذا ههُنا، ولأنه أتى بشَرائِطِ الصلاةِ وواجباتِها، فصحَّتْ، كما لو كانَ بحضرةِ الطَّعامِ. وخبرُ عائشةَ المرادُ به الكراهيةَ؛ بدليل ما لو صلَّى بحَضْرةِ الطعامِ] (٩). وحديثُ ثَوْبان قال ابنُ عبد البَرِّ: لا تقومُ به حُجَّةٌ عندَ أهلِ العِلْمِ (١٠). [ثم هو محمولٌ على الكراهيةِ أيضًا، بدليل ما ذكَرْناه] (١١)، وهذان مِن الأعْذَارِ التي يُعْذَرُ بها في تَرْكِ الجماعةِ والجُمُعَةِ، [لعُمُومِ اللفْظِ] (١٢)؛ فإنَّ قولَه: "وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ". عامٌّ في كُلِّ صلاةٍ، وقوله: "لَا صَلَاةَ" عامٌّ أيضًا (١٢).

فصل: ويُعْذَرُ في تَرْكِهِمَا [بالمَرضِ والخوفِ؛ أمَّا المرضُ فلا خلافَ في أنَّه عُذْرٌ في التَّخَلُّفِ عنهما، إذا شَقَّ حُضورُهما عليه] (١٣). قالَ ابْنُ المُنْذِرِ: لا أَعْلَمُ خِلافًا بين أهْلِ العِلْمِ، أنَّ للْمَرِيضِ أنْ يَتَخَلَّفَ عن الجماعاتِ مِنْ أجْلِ المَرَضِ، وقد رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ". قَالُوا: وَمَا العُذْرُ يا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: "خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ. لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِى صَلَّى"، رَوَاهُ أبو داوُد (١٤). وقد كانَ بلَالٌ يُؤَذِّنُ بالصلاةِ ثم يَأْتِى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مَرِيضٌ فَيَقُولُ: "مُرُوا أَبا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" (١٥).


(٨) في الأصل: "الخبرين".
(٩) سقط من: م. ومكانه: "اللذين رويناهما، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى".
(١٠) في م زيادة: "بالحديث".
(١١) سقط من: م.
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) في م: "المريض في قول عامة أهل العلم".
(١٤) في: باب في التشديد في ترك الجماعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٣٠.
(١٥) أخرجه البخاري، في: باب حد المريض أن يشهد الجماعة، وباب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، وباب الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم، وباب إذا بكى الإمام في الصلاة، من كتاب الأذان. وفى: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري =

<<  <  ج: ص:  >  >>