للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِوَى هذا. ومنْ قال: تُقْسَمُ بينهما. قُسِمَتْ. وهذا ذكَرَه أبو الخَطَّاب. وقد نَصَّ عليه أحمد، فى رِوَاية الكَوْسَج، فى رَجُلٍ أقَامَ البَيِّنةَ أنَّه اشْتَرَى سِلْعَةً بمائةٍ، وأقَامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَاها بمائتَيْن، فكُلُّ واحِدٍ منهما يَسْتَحِقُّ نِصْفَ (٢٩) السِّلْعَةِ بنِصْفِ الثَّمنِ، فيكُونان شَرِيكَيْن. وحملَ القَاضِى هذه الرِّوَايةَ، على أَنَّ العَيْنَ فى أيْديهِما، أو على أَنَّ البَائِعَ أقَرَّ لهما جميعًا. وإطْلاقُ الرِّوَايةَ يَدُلُّ على صِحَّة قَوْلِ أبى الخَطَّاب. فعلى هذا، إِنْ كانَ المَبِيعُ ممَّا لا يَدْخُلُ فى ضَمَانِ المُشْتَرِى إِلَّا بقَبْضِهِ، فلكُلِّ واحِدٍ منهما الخِيارُ؛ لأنَّ الصَّفْقَة تبعَّضَتْ عليه. فإنْ اخْتَارا الإِمْسَاكَ، رَجَعَ كلُّ واحدٍ منهما بنِصْفِ الثَّمنِ، وإِنْ اخْتَارَا الفَسْخَ رجعَ كلُّ واحدٍ منهما بجَمِيعِ الثمنِ، وإِنْ اخْتَار أحدُهما الفَسْخَ، توفَّرَتِ السِّلْعَة كُلُّها على الآخَرِ، إِلَّا أَنْ يكونَ الحاكمُ قد حكَمَ له بنِصْفِ السِّلْعةِ ونِصْفِ الثَّمنِ، فلا يَعُودُ النِّصْفُ الآخَرُ إليه. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ فى كُلِّ مَبِيعٍ.

فصل: فإِنَّ ادَّعَى أحدُهما أنَّه اشْتَرَاها من زَيْدٍ بمائةٍ، وهى مِلْكُه، وادَّعَى الآخَرُ أنَّه اشْتَرَاها من عَمرو، وهى مِلْكُه، وأقامَ كُل واحِدٍ منهما (٣٠) بدَعْوَاهُ بَيِّنَةً، فهذه تُشْبِهُ التى قبْلَها فى المعْنَى، فإنْ كانتْ فى يَدِ أحدِ المُشْترِيَيْن، انْبَنَى ذلك على الرِّوَايتَيْن فى تقْدِيمِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخَارِج. وإِنْ كانت فى يَدَيْهِما (٣١)، قُسِمَتْ بينهما؛ لأنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ منهما دَاخِلَةٌ فى أحَدِ النِّصْفَيْن، خَارِجَةٌ فى النِّصْفِ الآخَرِ. وإِنْ كانتْ فى يَدِ أحَدِ البائِعَين، فأنْكرَهما، وادَّعاها لنَفْسِه. فإنْ قُلْنا: تسْقُطُ البَيِّنَتان. حلَفَ، وكانتْ له. وإِنْ أقَرَّ بها لأحَدِهما، صارَ الدَّاخِلَ، إِلَّا أَنْ يُقِرَّ له بعدَ أنْ يحْلِفَ أنَّها له. وإِنْ قُلْنا: يُقَدَّمُ أحَدُهما (٣٢) بالقُرْعَةِ. فهى لمنْ تخرُجُ له القُرْعَةُ مع يَمِينِه. وإِنْ قُلْنا: تُقْسَمُ بينَهما. قُسِمَتْ، ورَجَعَ كلُّ واحدٍ منهما بنِصْفِ ثَمنِها. وإِنْ كان المبيعُ ممَّا يدْخُلُ فى ضَمانِ المُشْتَرِى بنَفْس العَقْد، أو كان المُشْتَرِى مُقِرًّا بقَبْضِهِ، فلا خِيارَ لوَاحِدٍ منهما ولا رُجُوعَ


(٢٩) فى م: "النصف من".
(٣٠) سقط من: الأصل.
(٣١) فى م: "أيديهما".
(٣٢) فى م: "إحداهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>