للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالأجْنَبِيَّةِ، وفَارَقَ المَرِيضَةَ؛ لأنَّ عَدَمَ الإنْفَاقِ عليها لِعَدَمِ الحاجَةِ، لا لِخَلَلٍ فى المُقْتَضى لها، فلا يَمْنَعُ ذلك من ثُبُوتِ تَبَعِها، بخِلافِ النَّاشِزِ. وكذلك كُلُّ امْرَأةٍ لا يَلْزَمُه نَفَقَتُها، كغَيْرِ المَدْخُولِ بها إذا لم تُسَلَّمْ إليه، والصَّغِيرَةِ التى لا يُمْكِن الاسْتِمْتَاعُ بها، فإنَّه لا تَلْزَمُه نَفَقَتُها ولا فِطْرَتُها، لأنَّها ليستْ مِمَّنْ يَمُونُ.

فصل: وأما العَبِيدُ فإنْ كانوا لغيرِ التِّجَارَةِ، فعلَى سَيِّدِهم فِطْرَتُهم. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وإن كانوا لِلتِّجَارَةِ، فعليه أيضا فِطْرَتُهم. وبهذا قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ: لا تَلْزَمُه فِطْرَتُهم؛ لأنَّها زَكاةٌ، ولا تَجِبُ فى مالٍ واحِدٍ زَكاتانِ، وقد وَجَبَتْ فيهم زَكاةُ التِّجارَةِ، فيَمْتَنِعُ وُجُوبُ الزَّكاةِ الأُخْرَى، كالسَّائِمَةِ إذا كانتْ لِلتِّجارَةِ. ولَنا، عُمُومُ الأحَادِيثِ وقولُ ابنِ عمرَ: فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ على الحُرِّ والعَبْدِ (٧). وفى حَدِيثِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ: "ألَا إنَّ صَدَقَةَ الفِطْرِ وَاجِبَةٌ على كل مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ أو أُنْثَى، حُرٍّ أو عَبْدٍ، صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ" (٨). ولأنَّ نَفَقَتَهم وَاجِبَةٌ فوَجَبَتْ فِطْرَتُهم، كعَبِيدِ القُنْيَةِ. أو نقول: مُسْلِمٌ تَجِبُ مُؤْنَتُه، فوَجَبَتْ فِطْرَتُه، كالأصْلِ، وزَكاةُ الفِطْرَةِ تَجِبُ على البَدَنِ، ولهذا تَجِبُ على الأحْرارِ، وزكاةُ التِّجارَةِ تَجِبُ عن القِيمَةِ، وهى المالُ، بخِلافِ السَّوْمِ والتِّجارَةِ، فإنَّهما يَجِبانِ بِسَبَبِ مالٍ واحِدٍ، ومتى (٩) كان عَبِيدُ التِّجَارَةِ فى يَدِ المُضَارِبِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهم مِن مالِ المُضَارَبَةِ؛ لأنَّ مُؤْنَتَهم منها. وحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن الشَّافِعِىِّ، أنَّها على رَبِّ المالِ. ولَنا، أنَّ الفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ، وهى من مالِ المُضارَبَةِ، فكذلك الفِطْرَةُ.


(٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨١.
(٨) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨٦.
(٩) سقطت واو العطف من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>