للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفَقَتُهم وفِطْرَتُهم ثَلَاثة أصْنَافٍ: الزَّوْجَاتُ، والعَبِيدُ، والأقارِبُ. فأمَّا الزَّوْجَاتُ فعليه فِطْرَتُهُنَّ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا تَجِبُ عليه فِطْرَةُ امْرَأتِه. وعلى المَرْأةِ فِطْرَةُ نَفْسِها، لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وأُنْثَى" (٢). ولأنَّها زَكاةٌ، فوَجَبَتْ عليها، كزكاةِ مَالِها. ولَنا، الخَبَرُ، ولأنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ تَجِبُ به النَّفَقَةُ، فوَجَبَتْ به الفِطْرَةُ، كالمِلْكِ والقَرَابَةِ، بِخِلافِ زَكَاةِ المالِ، فإنَّها لا تُتَحَمَّلُ بالمِلْكِ والقَرَابةِ، فإن كان لِامْرَأتِه مَنْ يَخْدُمُها بأُجْرَةٍ، فليس على الزَّوْج فِطْرَتُه؛ لأنَّ الوَاجِبَ الأجْرُ دُونَ النَّفَقَةِ. وإن كان لها نَظَرْتَ، فإن كانتْ مِمَّنْ لا يَجِبُ لها خادِمٌ، فليس عليه نَفَقَةُ خَادِمِها، ولا فِطْرَتُه، وإن كانت مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُها، فعلَى الزَّوْجِ أن يُخْدِمَها، ثم هو مُخَيَّرٌ بينَ أن يَشْتَرِىَ لها خَادِمًا، [أو يَسْتَأْجِرَ] (٣)، أو يُنْفِقَ على خَادِمِها، [فإن اشْتَرَى] (٤) لها خادِمًا أو (٥) اخْتَارَ الإِنْفَاقَ على خَادِمِها فعليه فِطْرَتُه، وإن اسْتَأْجَرَ لها خادِمًا فليس عليه نَفَقَتُه ولا فِطْرَتُه، سَوَاءٌ شَرَطَ عليه مُؤْنَتَه أو لم يشرُط؛ لأنَّ المُؤْنَةَ إذا كانت أُجْرَةً فهى من مالِ المُسْتَأْجِرِ. وإن تَبَرَّعَ بالإنْفَاقِ على مَن لا تَلْزَمُه نَفَقَتُه، فحُكْمُه حُكْمُ من تَبَرَّعَ بالإِنْفَاقِ على أَجْنَبِىٍّ، وسَنَذْكُرُه إن شاءَ اللهُ تعالى (٦). وإن نَشَزَتِ المَرْأَةُ فى وَقْتِ الوُجُوبِ، ففِطْرَتُها على نَفْسِها دُونَ زَوْجِها؛ لأنَّ نَفَقَتَها لا تَلْزَمُه. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ أنَّ عليه فِطْرَتَها؛ لأنَّ الزَّوْجِيَّةَ ثابِتَةٌ عليها فلَزِمَتْه فِطْرَتُها، كالمَرِيضَةِ التى لا تَحْتاجُ إلى نَفَقَةٍ. والأوَّلُ: أصَحُّ؛ لأنَّ هذه مِمَّنْ لا تَلْزَمُه مُؤْنَتُه، فلا تَلْزَمُه فِطْرَتُه،


(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨١ من حديث ابن عمر، وفى ٢٨٦ من حديث عبد اللَّه بن عمرو، ومن حديث سعيد بن المسيب.
(٣) سقط من: الأصل، ب.
(٤) فى الأصل، ب: "أو يكترى".
(٥) فى الأصل: "فإن".
(٦) بعد أربعة فصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>