للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: أنا أعْلَمُ أَنَّهُ ما أَصَابها. لم يَحِلَّ له نِكَاحُهَا؛ لأَنَّهُ يُقِرُّ على نَفْسِهِ بِتَحْرِيمِها. فإِنْ عادَ فأكْذَبَ نَفْسَه وقال: قد عَلِمْتُ صِدْقَهَا. دِينَ فيما بينه وبين اللَّهِ تعالى؛ لأنَّ الْحِلَّ والحُرْمَةَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تعالى. فإِذا عُلِمَ حِلُّها (٣) له، لم تَحْرُمْ بكَذِبِه. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. ولأَنَّهُ قد يَعْلَمُ ما لم يَكُنْ عَلِمَهُ. ولو قال: ما أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصَابَها. لم تَحْرُمْ عليه بهذا؛ لأنَّ المُعْتَبَرَ فى حِلِّهَا له خَبَرٌ يَغْلِبُ على ظَنِّهِ صِدْقُها (٤)، لا حَقِيقَةُ العِلْمِ.

فصل: وإذا طَلَّقَهَا طَلاقًا رَجْعِيًّا، وغابَ، وقَضَتْ عِدَّتَهَا، وأَرَادَتْ التَّزَوُّجَ، فقال وَكِيلُهُ: تَوَقَّفِى كَيْلَا يكونَ رَاجَعَكِ. لم يَجِبْ عليها التَّوَقُّفُ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، وَحِلُّ النِّكَاحِ، فلا يَجِبُ الزَّوَالُ عنه بأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فيه، ولأنَّهُ (٥) لو وَجَبَ عليها التَّوَقُّفُ فى هذه الْحَالِ، لَوَجَبَ عليها التَّوَقُّفُ قَبْلَ قَوْلِهِ؛ لأنَّ احْتِمَالَ الرَّجْعَةِ مَوْجُودٌ، سَوَاءٌ قال أو لم يَقُلْ، فَيُفْضِى إلى تَحْرِيمِ النِّكاحِ على كلِّ رَجْعِيَّةٍ غابَ عنها (٦) زَوْجُها أَبَدًا.

فصل: فإذا قالتْ: قد تَزَوَّجْتُ مَنْ أصَابَنِى. ثم رَجَعَتْ عن ذلك قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ عليها، لم يَجُزِ الْعَقْدُ؛ لأنَّ الخَبرَ المُبِيحَ لِلْعَقْدِ قد زالَ، فزَالَتِ الإِباحَةُ. وإِنْ كان بعدَ ما عَقَدَ عليها، لم يُقْبَلْ؛ لأنَّ ذلك إبْطالٌ لِلْعَقْدِ الذى لَزِمَها بِقَوْلِها، فلم يُقْبَلْ، كما لو ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، فأَقَرَّتْ له بذلك، ثم رَجَعَتْ عن الإِقْرَارِ.


(٣) فى ب: "جهلها".
(٤) فى أ، م: "صدقة".
(٥) فى ب، م زيادة: "أمر".
(٦) سقط من: الأصل، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>