للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكٍ، فأشْبَهَ مِلْكَ العَبْدِ، ألا تَرَى أنَّه لا يحْتاجُ أَنْ يقولَ: وليْسَتْ مُعْتَدَّةً ولا مُرْتَدَّةً. ولَنا، أَنَّ النَّاسَ اختَلَفُوا فى شَرَائِطِ النِّكاحِ، فمنهم مَنْ يشْتَرِطُ الوَلِىَّ والشُّهُودَ، ومنهم مَنْ لا يشْتَرِطُ، وفهم مَنْ يشْتَرِطُ إذْنَ البِكْرِ البالِغِ لأبيها فى تَزْوِيجِها، ومنهم مَنْ لا يشْتَرِطُه، وقد يدَّعِى نِكاحًا يعْتَقِدُه صحيحًا، والحاكِمُ لا يرَى صِحَّتَه، ولا ينْبَغِى أَنْ يَحْكُمَ بصِحَّتِه مع جَهْلِه بها، ولا [يعْلمُ بها] (٤) ما لم تُذْكَرِ الشُّروطُ، وتقوم البَيِّنَةُ بها، وتُفارقُ المالَ، فإِنَّ أسْبَابَه لا (٥) تَنْحَصِرُ، وقد يخْفَى على المُدَّعِى سَبَبُ ثُبوتِ حَقِّه، والعُقودُ تكْثُرُ شُرُوطُها، ولذلك اشْتَرَطْنَا لِصِحَّة البَيْعِ شُرُوطًا سَبْعةً، وربَّما لا يُحْسِنُ المُدَّعِى عَدَّها ولا يَعْرِفُها، والأمْوَالُ ممَّا يُتسَاهَلُ فيها؛ ولذلك افْترَقا فى اشْتِرَاطِ الوَلِىِّ والشُّهُودِ فى عُقودِه، فافْترَقا فى الدَّعْوَى. وعدمُ العِدَّة والرِّدَّة، [الأصلُ عَدَمُها، ولا يخْتلِفُ النَّاسُ فيه] (٦)، ولا تَخْتَلِفُ به الأغْرَاضُ. فإنْ كانتِ المَرْأةُ أمةً والزَّوْجُ حُرًّا، فقياسُ ما ذكَرْناه، أنَّه يحْتَاجُ إلى ذِكْرِ عَدَمِ الطَّولِ، وخَوْفِ العَنَتِ؛ لأنَّهما من شَرَائِطِ صِحَّةِ نِكَاحِها، وأمَّا إِنْ ادَّعَى اسْتِدَامةَ الزَّوْجِيَّة، ولم يدَّعِ العَقْدَ، لم يحْتَجْ إلى ذِكْرِ شُروطِه، (٧) فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأنَّه يثبُتُ بالاسْتِفاضَة. ولو اشْتُرِطَ ذِكْرُ الشُّروطِ، لاشْتُرِطَتِ الشَّهادةُ به، ولا يَلْزَمُ ذلك فى شهادَة الاسْتِفَاضَةِ. وفى الثَّانِى يحْتاجُ إلى ذِكْرِ الشُّروطِ؛ لأنَّه دَعْوَى نِكَاحٍ، فأشْبَهَ دَعْوَى العَقْدِ.

فصل: وإن ادَّعَتِ المرْأةُ النِّكَاحَ على زَوْجِها، وذكرَتْ معه حقًّا من حُقُوقِ النِّكاحِ، كالصَّداقِ والنَّفَقَة ونحوِها، سُمِعَتْ دَعْوَاها. بغيرِ خِلافٍ نَعْلمُه؛ لأنَّها تدَّعِى حقًّا لها تُضِيفُه إلى سَبَبهِ، فتُسْمَعُ دَعْواها، كما لو ادعَتْ مِلْكًا أضافَتْه إلى الشِّرَاءِ. وإِنْ أفرَدَتْ (٨) دَعْوَى النِّكَاحِ، فقال القاضى: تُسْمَعُ دَعْوَاها أيضًا؛ لأنَّه سَبَبٌ لحقُوقٍ لها، فتُسْمَعُ دَعْواها فيه، كالبَيْعِ. وقال أبو الخَطَّاب: فيه وَجْهٌ آخَرُ، لا تُسْمَعُ دَعْوَاها (٩)؛


(٤) فى أ: "يعلمها".
(٥) سقط من: ب، م.
(٦) فى م: "لم يختلف الناس فيه، والأصل عدمها".
(٧) فى م: "الشروط".
(٨) فى ب: "انفردت".
(٩) فى م زيادة: "فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>