للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا (١٤) رَمَى صَيْدًا فأصابَهُ، وبَقِىَ على امتناعِه حتَّى دخلَ دارَ إنسانٍ فأَخَذَه، فهو لمن أَخَذَهُ؛ لأنَّ الأوَّلَ لم (١٥) يَمْلِكْه، لكَوْنِه مُمْتنِعًا، فمَلَكَه الثانى بأخْذِه. ولو رَمَى طائرًا على شجرةٍ فى دارِ قومٍ، فطرَحَهُ فى دارِهِم فأَخَذُوه، فهو للرَّامِى دُونَهم؛ لأنَّه (١٦) مَلَكَه بإزالَةِ امْتِناعِه.

فصل: قال أصحابُنا: وإذا تَعَلَّق صيدٌ فى شَرَكِ إنسانٍ أو شَبَكَتِه، مَلَكَه؛ لأنَّه أثْبَتَهُ بآلتِه، فإنْ أخَدَه أحدٌ (١٧)، لزِمَه رَدُّه عليه؛ لأنَّ آلتَه أثْبَتَتْه، فأشْبَهَ ما لو أثبَتَهُ بسَهْمِه. فإنْ لم تُمْسِكْه الشَّبَكَةُ، بل انْفَلَتَ منها فى الحالِ، أو بَعْدَ حِينٍ، لم يَمْلِكْه؛ لأنَّه لم يُثْبِتْه. وإن أَخَذَ الشَّبَكَةَ وانْفَلَتَ بها، فصادَهُ إنسانٌ، ملَكَه، ويَرُدُّ الشَّبَكَةَ على صاحِبِها؛ لأنَّه لم يُثْبِتْه. وإِنْ كان يَمْشِى بالشَّبَكَةِ على وَجْهٍ لا يقْدِرُ على الامْتِناعِ، فهو لصاحِبِها؛ لأنَّها أزالَتْ امْتِنَاعَه. وإِنْ (١٨) أمْسَكَهُ الصائدُ، وثَبَتَتْ يدُه عليه، ثمَّ انْفَلَت منه، لم يزُلْ مِلْكُه عنه؛ لأنَّه امْتَنَعَ منه (١٩) بعدَ ثُبوتِ مِلْكِه، فلم يزُلْ مِلْكُه عنه، كما لو شَرَدَتْ فرَسُه، أو نَدَّ بَعِيرُه. فإن اصْطادَ صَيْدًا، فَوَجَدَ عليه عَلامَةً، مثل أَنْ يجِدَ فى عُنُقِه قِلادَةً، أو فى أُذُنِه قُرْطًا، لم يَمْلِكْه؛ لأنَّ الذى اصْطادَهُ مَلَكَه، فلا يزولُ مِلْكُه بالانْفِلاتِ. وكذلك إنْ وَجَدَ طائِرًا مَقْصوصَ الجَناحِ. فإنْ قيل: يَحْتَمِلُ أَنَّ الذى امسَكَه أولًا مُحْرمٌ لم يَمْلِكْه، أو أَنَّه أَرْسَلَه على سبيل التَّخْلِيَةِ وإِزالَةِ المِلْكِ عنه، كإلْقاءِ الشىءِ التافِهِ. قُلْنا: أمَّا الأوَّلُ فنادِرٌ، وهو مخالِفٌ للظاهِرِ؛ لأنَّ ظاهرَ [حالِ المُحْرِمِ] (٢٠) أنَّه لا يصيدُ ما حَرَّمَ اللَّه عليه، وأمَّا الثانِى فخِلافُ الأَصْلِ، فإنَّ الأصْلَ بقاءُ مِلْكِه عليه، وما ذَكَرُوه مُحْتَمِلٌ، فلا يزولُ المِلْكُ بالشَّكِّ. وإِنْ عُلِمَ أَنَّ مالِكَه أرْسَلَه اخْتِيارًا، فقال أصحابُنا: لا يَزُولُ المِلْكُ عنه


(١٤) فى م: "وإن".
(١٥) فى ب: "لا".
(١٦) فى م: "لأن".
(١٧) سقط من: ب.
(١٨) فى م: "وإذا".
(١٩) فى الأصل، ب: "عليه".
(٢٠) فى ب: "الحال".

<<  <  ج: ص:  >  >>