للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِيَّتِه. فعلى هذا، إن ماتَ، أو قُتِلَ، ثَبَتَ الْمِلْكُ لِمَنْ يَنْتَقِلُ إليه مِلْكُه (١١)؛ لأنَّ هذا في معناه.

فصل: وإن لَحِقَ المُرْتَدُّ بدارِ الْحَرْبِ، فالْحُكْمُ فيه كالْحُكْم في مَن هو في دارِ الإِسلامِ، إلَّا أنَّ ما كان معه من مَالِه، يَصِيرُ مُبَاحًا لِمَنْ قَدَرَ عليه، كما أُبِيحَ دَمُه، وأمَّا أمْلاكُه ومالُه الَّذى في دارِ الإِسْلامِ، فمِلْكُهُ ثَابِتٌ فيه، ويَتَصَرَّفُ فيه الحاكِمُ بما يَرَى الْمَصْلَحَةَ فيه. وقال أبو حنيفةَ: يُورَثُ مَالُه، كما لو ماتَ؛ لأنَّه قد (١٢) صارَ في حُكْمِ المَوْتَى، بدليل حِلِّ دَمِه ومالِه الذي معَه لكلِّ مَن قَدَرَ عليه. ولَنا، أنَّه حَىٌّ فلم يُورَثْ، كالْحَرْبِىِّ الأَصْلِىِّ، وحِلُّ دَمِه لا يُوجِبُ تَوْرِيثَ مالِه، بدليلِ الْحَرْبِىِّ الأَصْلِىِّ، وإنَّما حَلَّ مالُه الذي معه؛ لأنَّه زَالَ العاصِمُ له، فَأَشْبَهَ مالَ الْحَرْبِىِّ الذي في دارِ الْحَرْبِ، وأَمَّا الذي في دارِ الإِسْلامِ، فهو باقٍ على العِصْمَةِ، كَمالِ الْحَرْبِىِّ الذي مع مُضَارِبِه في دارِ الإِسْلامِ، أو عندَ مُودَعِه.

١٥٤٠ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، دُعِىَ إلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ صَلَّى، وإلَّا قُتِلَ، جَاحِدًا ترْكَهَا أو غَيْرَ جَاحِدٍ)

قد سبقَ شرحُ هذه المسألةِ في بابٍ مُفْرَدٍ لها (١)، ولا خلافَ بينَ أهلِ العلمِ في كُفْرِ مَنْ تَرَكَها جاحدًا لوجُوبِها، إذا كان مِمَّنْ لا يَجْهَلُ مثلُه ذلك، فإنْ كان ممَّن لا يَعْرِفُ الوجُوبَ، كحَدِيثِ الإِسلامِ، والنَّاشِئِ بغيرِ دارِ الإِسلام أو باديةٍ بعيدةٍ عن الأمْصارِ وأهلِ العلمِ، لم يُحْكَمْ بِكُفْرِه، وَعُرِّفَ ذلك، وتُثْبَتُ له أَدِلَّةُ وُجُوبِها، فإن جَحَدَها بعدَ ذلك كَفَرَ. وأمَّا إذا كان الجاحِدُ لها ناشئًا في الأمْصارِ بين أهلِ العلمِ، فإنَّه يَكْفُرُ بمُجَرَّدِ جَحْدِها، وكذلك الحكمُ في مَبانِى الإِسلامِ كُلِّها، وهى الزكاةُ والصِّيامُ والحَجُّ؛ لأنَّها مَبانِى الإِسلامِ، وأَدِلَّةُ وُجُوبِها لا تكادُ تَخْفَى، إذْ كان الكتابُ والسُّنَّةُ مَشْحُونَيْنِ


(١١) في الأصل: "ماله".
(١٢) في م: "قدر".
(١) تقدم في: ٣/ ٣٥١ - ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>