للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: دَقِيقٍ أو سُلْتٍ. رَوَاهُما النَّسَائِىُّ (٧).

فصل: ويجوزُ إخْراجُ الدَّقِيقِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وكذلك السَّوِيقُ، قال أحمدُ: وقد رُوِىَ عن ابنِ سِيرِينَ سَويقٍ أو دَقِيقٍ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: لا يُجْزِئُ إخْرَاجُهما؛ لِحَدِيثِ ابن عمرَ، ولأنَّ مَنَافِعَه نَقَصَتْ، فهو كالخُبْزِ. ولَنا، حَدِيثُ أبى سَعِيدٍ، وقَوْلُه فيه: "أو صَاعًا من دَقِيقٍ". ولأنَّ الدَّقِيقَ والسَّوِيقَ أجْزَاءُ الحَبِّ بَحْتًا يُمْكِنُ كَيْلُه وادِّخَارُه، فجازَ إخْرَاجُه، كما قبل الطَّحْنِ، وذلك لأنَّ الطَّحْنَ إنَّما فَرَّقَ أجْزاءَهُ، وكَفَى الفَقِيرَ مُؤْنَتَه، فأشْبَهَ ما لو نَزَعَ نَوَى التَّمْرِ ثم أخْرَجَهُ. ويُفَارِقُ الخُبْزَ (٨) والهَرِيسَةَ والكَبُولَا (٩)؛ لأنَّ مع أجْزَاءِ الحَبِّ فيها مِن غيره، وقد خَرَجَ عن حالِ الادِّخَارِ والكَيْلِ، والمَأْمُور به صَاعٌ، وهو مَكِيلٌ، وحَدِيثُ ابنِ عمرَ لم يَقْتَضِ ما ذَكَرُوه، ولم يَعْمَلُوا به.

فصل: ولا يجوزُ إخْرَاجُ الخُبْزِ، لأنَّه خَرَجَ عن الكَيْلِ والادِّخَارِ. ولا الهَرِيسَةِ والكَبُولَا وأشْبَاهِهما؛ لذلك، ولا الخَلِّ ولا الدِّبْسِ؛ لأنَّهما ليسا قُوتًا. ولا يجوزُ أن يُخْرِجَ حَبًّا مَعِيبًا، كالمُسَوَّسِ والمَبْلُولِ، ولا قَدِيمًا تَغَيَّرَ طَعْمُه، لقولِ اللهِ تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (١٠)، فإن كان القَدِيمُ لم يَتَغَيَّرْ طَعْمُه، إلَّا أن الحَدِيثَ أَكْثَرُ قِيمَةً منه، جازَ إخْرَاجُه؛ لِعَدَمِ العَيْبِ فيه، والأفْضَلُ إخْرَاجُ الأَجْوَدِ. قال أحمدُ: كان ابنُ سِيرِينَ يُحِبُّ أن يُنَقِّىَ الطَّعامَ، وهو أحَبُّ إلىَّ ليكونَ على الكَمَالِ، ويَسْلَمَ مما يُخَالِطُه من غيرِه. فإنْ كان المُخَالِطُ له يَأْخُذُ حَظًّا من المِكْيَالِ، وكان كَثِيرًا بحيث يُعَدُّ عَيْبًا فيه، لم يجْزِئْه، وإن لم يَكْثُر، جازَ إخْرَاجُه إذا زادَ على الصّاعِ قَدْرًا يَزِيدُ على ما فيه من غيرِه، حتى يكونَ المُخْرَجُ


(٧) تقدم تخريجهما فى صفحة ٢٨١، ٢٨٢.
(٨) فى النسخ: "الخبر".
(٩) الكبولاء: العصيدة.
(١٠) سورة البقرة ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>