للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلقةٌ واحدةٌ؛ لأنَّ الطَّلْقَتَيْنِ وقَعتا غيرَ مُحَرِّمَتَيْنِ، فلا يُعْتَبَرُ حُكْمُهُما بما يَطْرَأُ بعدَهما، كما أَنَّ الطَّلقَتَيْنِ مِنَ العَبْدِ لَمَّا (٢١) وقَعتا مُحَرِّمَتَيْنِ، لم يُعْتَبَرْ ذلك بالعِتْقِ بعدَهما.

١٢٨٨ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ. طَلُقَتْ بِثَلَاثٍ)

نصَّ أحمدُ على هذا، فى رواية مُهَنَّا. وقال أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ حامدٍ: تَقَعُ طَلْقتانِ؛ لأنَّ معناه ثَلاثةُ أنْصافٍ مِن طلقتَيْنِ، وذلك طَلْقةٌ ونِصْفٌ، ثم تَكْمُلُ فتَصيرُ طَلْقتَيْنِ. وقيل: بل ثلاثٌ (١)؛ لأنَّ النِّصْفَ الثّالِثَ من طلقتَيْن (٢) مُحالٌ. ولأصْحابِ الشّافعىِّ وَجْهانِ كهذَيْن. وَلنا، أَنَّ نِصْفَ الطَّلقتَيْنِ طلقةٌ، وقد أوْقَعَه ثلاثًا، فَيَقَعُ ثلاثٌ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثَ طَلقاتٍ. وقولُهم: مَعْناه ثلاثةُ أنصافٍ مِن طلقَتَيْنِ. تأويلٌ يُخَالِفُه ظاهرُ اللَّفْظِ، فإنَّه على ما ذكروه (٣) يَكونُ ثلاثةَ أنْصافٍ طَلْقَةٍ، ويَنبغى أَنْ يَكُونَ ثلاثةُ أنْصافِ طلقتَيْنِ مُخَالِفَةً لثلاثةِ أنْصافِ طلقةٍ. وقولُهم: إنَّه مُحالٌ. قُلْنا: وقوعُ نصفِ الطَّلقتَيْنِ عليها ثلاثَ مرَّاتٍ ليس بِمُحالٍ، فيجبُ أَنْ يَقَعَ.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ مِلءَ الدُّنيا. وَنوَى الثَّلاثَ، وقعَ الثّلاثُ. وإِنْ لم يَنْوِ شيئًا، أو نَوَى واحدةً، فهى واحدةٌ. قال أحمدُ، فى مَن قال لامرأتِه: أنتِ طالقٌ ملءَ البيتِ: فإنْ أرادَ الغِلْظَةَ عليها -يعنى يُرِيدُ أَنْ تَبِينَ منه- فهى ثلاثٌ. فاعْتَبَرَ نِيَّتَه، فدلَّ على أنَّه إذا لم يَنْوِ يَقَعُ واحدةً؛ وذلك لأنَّ الوصفَ لا يَقْتضِى عددًا. وهذا لا نَعلمُ فيه خلافًا، إلَّا أَنَّ الواحدةَ إذا وَقَعَتْ كانت رَجْعِيَّةً. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: تكونُ بائنًا؛ لأنَّه وَصَفَ الطَّلاقَ بصِفَةٍ زائدةٍ تَقْتضى الزِّيادةَ عليها، وذلك


(٢١) فى زيادة: "أن".
(١) سقط من: الأصل، ب، م.
(٢) فى أ: "الطلقتين".
(٣) فى الأصل، أ، ب: "ذكره".

<<  <  ج: ص:  >  >>