للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فلا يَزولُ التَّحريمُ. وهذا ظاهرُ المذهبِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه يَحِلُّ له أَنْ يَتَزَوَّجَها، وتَبْقَى عندَه على واحدةٍ. وذَكَرَ حديثَ ابن عبّاسٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى الْمَمْلُوكَيْنِ: "إذَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَا، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا" (١٥). وقال: لا أرى شيئًا يَدْفَعُه، وغيرُ واحدٍ يَقولُ به؛ أبو سَلَمَةَ، وجابرٌ، وسعيدُ بن المُسَيِّبِ. وروَاه الإِمامُ أحمدُ، فى "المُسْنَدِ" (١٦). وأكثرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ الأوَّلُ. وقال: حديثُ عثمانَ وزيدٍ فى تَحْريمِها عليه جَيِّدٌ، وحديثُ ابن عبَّاسٍ يَرْوِيه عمرو بنُ مُغيث (١٧)، ولا أعرِفُه. وقد قال ابنُ المُبَارَك: مَن أبو حَسَن هذا؟ لقد حَمَلَ صَخْرَةً عظيمةً. مُنْكِرًا لهذا الحديثِ. قال أحمدُ: أمّا أبو حسنٍ فهو عندى معروفٌ، ولَكِنْ لا أعْرِفُ عمرَو بن مُغِيثٍ. قال أبو بكرٍ: إنْ صحّ الحديثُ فالعَمَلُ عليه، وإن لم يَصِحَّ، فالعَمَلُ على حديثِ عثمانَ وزيدٍ، وبه أقولُ. قال أحمدُ: ولو طَلَّقَ عبدٌ زوجتَه الأمَةَ تَطْليقتَيْنِ، ثم عَتَقَ واشْتراها، لم تَحِلَّ له. ولو تَزَوَّجَ وهو عبدٌ، فلم يُطَلِّقْها، أو طَلَّقها واحدةً، ثم عَتَقَ، فله عليها ثلاثُ تطْليقاتٍ، أو طلْقتانِ إنْ كان طلَّقَها واحدةً؛ لأنَّه فى حالِ الطَّلاقِ حُرٌّ، فاعتُبِرَ حالُه حينَئِذٍ، كما يُغتَبَرُ حالُ المرأةِ فى العِدَّةِ حينَ وُجودِهَا. ولَو تَزَوَّجَها وهو حُرٌّ كافرْ، فسُبِىَ واسْتُرِقَّ، ثم أسْلَما جميعًا، لم يَمْلِك إلَّا طلاقَ العَبِيدِ، اعتبارًا بحالِه حينَ الطَّلاقِ. ولو طلَّقَها (١٨) فى كُفْرِه واحدةً وراجَعَها، ثم سُبِىَ واسْتُرِقَّ، لم يَمْلِك إلَّا طلقةً واحدةً. ولو طلَّقَها فى كُفْرِه طلقتَيْنِ، ثم اسْتُرِقَّ، وأراد التَّزَوُّجَ (١٩) بها، جاز، وله (٢٠)


(١٥) أخرجه أبو داود، فى: باب فى سنة طلاق العبد، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥٠٥. والنسائى، فى: باب طلاق العبد، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٢٦. وابن ماجه، فى: باب من طلق أمة تطليقتين ثم اشتراها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧٣.
(١٦) المسند ١/ ٢٢٩، ٣٣٤.
(١٧) كذا ورد فى النسخ، وفى المسند ١/ ٢٢٩: "عمر بن مغيث"، وفى المسند ١/ ٣٣٤، وسنن أبى داود، والمجتبى، وسنن ابن ماجه: "عمر بن معتب". قال العقيلى: عمر بن معتب نكر الحديث. ويقال: عمر بن أبى مغيث. الضعفاء الكبير ٣/ ١٩٢.
(١٨) فى م: "طلق".
(١٩) فى م: "التزويج"
(٢٠) سقطت الواو من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>