للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا سَاقاهُ على وَدِيِّ النَّخْلِ (٤)، أو صِغَارِ الشَّجَرِ، إلى مُدَّةٍ يَحْمِلُ فيها غالِبًا، ويكونُ له فيها (٥) جُزْءٌ من الثَّمرَةِ مَعْلُومٌ، صَحَّ؛ لأنَّه ليس فيه أكْثَرُ من أنَّ عَمَلَ العامِلِ يَكْثُرُ، ونَصِيبَه يَقِلُّ، وهذا لا يَمْنَعُ صِحَّتَها، كما لو جَعَلَ له سَهْمًا من أَلْفِ سَهْمٍ. وفيه الأقْسامُ التي ذَكَرْنا (٦) في كِبَارِ النَّخْلِ والشَّجَرِ، وهى أنَّنا إنْ قُلْنا: المُسَاقاةُ عَقْدٌ جائِزٌ. لم نَحْتَجْ إلى ذِكْرِ مُدَّةٍ. وإن قُلْنا: هو لازِمٌ. ففيه ثلاثةُ أَقْسامٍ؛ أحَدُها، أن يَجْعَلَ المُدّةَ زَمَنًا يَحْمِلُ فيه غالِبًا، فيَصِحُّ، فإن حَمَلَ فيها فلَه ما شَرَطَ له، وإن لم يَحْمِلْ فيها فلا شيءَ له. والثانى، أن يَجْعَلَها إلى زَمَنٍ لا يَحْمِلُ فيه غالِبًا، فلا يَصِحُّ، وإن عَمِلَ فيها (٧) فهل يَسْتَحِقُّ الأجْرَ؟ على وَجْهَيْنِ. وإن حَمَلَ في المُدَّةِ، لم يَسْتَحِقَّ ما جَعَلَ له؛ لأنَّ العَقْدَ وَقَعَ فاسِدًا. فلم يَسْتَحِقَّ ما شُرِطَ فيه. والثالث، أن يَجْعَلَ المُدَّةَ زَمَنًا يَحْتَمِلُ أن يَحْمِلَ فيها، ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْمِلَ، فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَيْنِ. فإن قُلْنا: لا يَصِحُّ. اسْتَحَقَّ الأَجْرَ. وإن قُلْنا: يَصِحُّ. فحَمَلَ في المُدَّةِ، اسْتَحَقَّ ما شَرَطَ له، وإن لم يَحْمِلْ فيها، لم يَسْتَحِقّ شَيْئًا. وإن شَرَطَ له (٨) نِصْفَ الثّمرَةِ ونِصْفَ الأَصْلِ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ مَوْضُوعَ المُسَاقاةِ أن يَشْتَرِكَا في النَّماءِ والفائِدَةِ، فإذا شَرَطَ اشْتِرَاكَهُما في الأصْلِ، [لم يَجُزْ] (٩)، كما لو شَرَطَ في المُضَارَبةِ اشْتِرَاكَهُما في رَأْسِ المالِ. فعلَى هذا يكونُ له أجْرُ مِثْلِه. وكذلك لو جَعَلَ له جُزْءًا من ثَمَرَتِها، مُدَّةَ بَقَائِها، لم يَجزْ. وإن جَعَلَ له ثَمَرَةَ عامٍ بعدَ مُدَّةِ المُسَاقاةِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُخالِفُ مَوْضُوعَ المُسَاقاةِ.

فصل: وإن ساقاهُ على شَجَرٍ يَغْرِسُه، ويَعْمَلُ فيه حتى يَحْمِلَ، ويكونُ له جُزْءٌ من


(٤) ودى النخل: صغاره.
(٥) سقط من: الأصل، ب
(٦) في الأصل: "ذكرناها".
(٧) سقط من: ب.
(٨) سقط من: م.
(٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>