للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيفى يَكونُ مُعتَرِفًا، مع تَصْريحِه بأنَّنى لا أعْلمُ الحُرَّ منهما؟ وإنَّما اكْتَفيْنا فى إبْقاءِ رِقِّ عبدِه باحتمالِ الحِنْثِ فى حقِّ صاحبِه، فإذا صارَ العَبْدانِ له، وأحدُهما حُرٌّ، لا بعَيْنِه، صارَ كأنَّهُما كانا له، فَحَلَفَ بِعِتْقِ أحدِهما وحدَه، فيُقْرَعُ بينهما حينَئِذٍ. ولو كان الحالفُ واحدًا، فقال: إنْ كان غُرابًا، فعَبْدِى حُرٌّ، وإن لم يكن غُرابًا، فَأَمَتِى حُرَّةٌ. ولم يُعْلَمْ حالُه، فإنَّه يُقْرَعُ بينهما، فَيَعْتِقُ أحدُهما. فإن ادَّعَى أحدُهما أنَّه الذى عَتَقَ، أو ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما ذلك، فالقَوْلُ قولُ السَّيِّدِ مع يَمِينِه.

فصل: وإن قال: إنْ كان غُرابًا، فهذه طالِقٌ، وإن لم يَكُنْ غُرابًا، فهذه الأُخْرَى طالقٌ. فطارَ ولم يُعْلَمْ حالُه، فقد طَلُقَتْ إحْدَاهما، فيَحْرُمُ عليه قُرْبَانُهما، ويُؤْخَذُ بنَفَقَتِهِما حتى تَبِينَ المُطَلَّقَةُ منهما؛ لأنَّهما مَحْبُوسَتانِ عليه لحقِّه. وذهبَ أصْحابُنا إلى أنَّه يُقْرِعُ بينهما، فتَخرُجُ بالقُرعةِ المُطَلَّقةُ منهما، كقَوْلنا فى العَبِيدِ. والصَّحيحُ أَنَّ القُرْعةَ لا مَدْخَلَ لها ههنا؛ لما سنذْكُرُه فيما إذا طلَّقَ واحدةً وأُنْسِيَها. وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. فعلى هذا، يَبْقَى التَّحْريمُ فيهما إلى أن يَعلَمَ المُطلَّقةَ منهما، ويُؤخَذُ بنفقتِهِما. فإن قال: هذه التى حَنِثْتُ فيها. حَرُمَتْ عليه، ويُقْبَلُ قولُه فى حِلِّ الأُخْرَى. فإن ادَّعَتِ التى لم يَعْترِفْ بطلاقِها أنَّها المُطَلَّقةُ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ. وهل يَحْلِفُ؟ يُخرَّجُ على روايتَيْنِ.

فصل: فإن قال: إن كان غُرابًا، فنساؤُه طوالِقُ، وإِنْ لم يكُن غُرابًا، فعَبِيدُه أحْرارٌ. وطارَ ولم يُعْلَمْ حالُه، مُنِعَ مِن التَّصرُّفِ فى المِلْكَينِ، حتى يَتَبيَّنَ، وعليه نَفَقَةُ الجميعِ (١٢). فإنْ قال: كان غُرابًا. طَلُقَ نساؤُه، ورَقَّ عبيدُه. فإن ادَّعَى العَبِيدُ (١٣) أنَّه لم يكُنْ غُرابًا ليَعْتِقُوا، فالقولُ قولُه. وهل يَحلِفُ؟ يُخرَّجُ على رِوايتَيْنِ. وإن قال: لم يكُنْ غرابًا. عَتَقَ عبيدُه، ولم تَطْلُقِ النِّساءُ (١٤)، فإن ادّعَيْنِ أنَّه كان غُرابًا لِيَطْلُقْنَ،


(١٢) فى م: "الجمع".
(١٣) سقط من: م.
(١٤) فى أ: "نساؤه".

<<  <  ج: ص:  >  >>