للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعَرْضِ القُنْيَةِ، انْعَقَدَ عليه الحَوْلُ من حِينَ مَلَكَه إن كان نِصابًا؛ لأنَّه اشْتَرَاهُ بما لا زَكَاةَ فيه، فلم يُمْكِنْ بِناءُ الحَوْلِ عليه. وإن اشْتَرَاهُ بِنِصابٍ من السَّائِمَةِ، لم يَبْنِ على حَوْلِه؛ لأنَّهما مُخْتَلِفانِ. وإن اشْتَرَاهُ بما دُونَ النِّصابِ من الأثْمانِ، أو من عُرُوضِ التِّجارَةِ، انْعَقَدَ عليه الحَوْلُ من حِينِ تَصِيرُ قِيمَتُه نِصابًا؛ لأنَّ مُضِىَّ الحَوْلِ على نِصابٍ كامِلٍ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزكاةِ.

فصل: وإذا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ نِصابًا من السَّائِمَةِ، فحالَ الحَوْلُ، والسَّوْمُ ونِيَّةُ التِّجارَةِ مَوْجُودَانِ، زَكَّاهُ زَكَاةَ التِّجَارَةِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ فى الجَدِيدِ: يُزَكِّيها زَكَاةَ السَّوْمِ؛ لأنَّها أقْوَى، لانْعِقادِ الإِجْماعِ عليها، واخْتِصاصِها بالعَيْنِ، فكانَتْ أوْلَى. ولَنا، أنَّ زَكَاةَ التِّجارَةِ أحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ؛ لأنَّها تَجِبُ فيما زادَ بالحِسابِ، ولأنَّ الزَّائِدَ عن النِّصابِ قد وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِ زَكَاتِه، فيَجِبُ كما لو لم يَبْلُغْ بالسَّوْمِ (٩) نِصابًا، وإن سَبَقَ وَقْتُ وُجُوبِ زَكَاةِ السَّوْمِ وَقْتَ وُجُوبِ زَكاةِ التِّجَارَةِ، مثل أن يَمْلكَ أرْبَعِينَ من الغَنَمِ قِيمَتُها دُونَ مائتَىْ دِرْهَمٍ، فقال القاضى: يتَأخَّرُ وُجُوبُ الزكاةِ حتى يَتِمَّ حَوْلُ التِّجارَةِ؛ لأنَّه أنْفَعُ لِلْفُقَراءِ، ولا (١٠) يُفْضِى التَّأْخِيرُ إلى سُقُوطِها؛ لأنَّ الزكاةَ تَجِبُ فيها إذا تَمَّ حَوْلُ التِّجَارَةِ. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ زَكَاةُ العَيْنِ عندَ تَمَامِ حَوْلِها؛ لِوُجُودِ مُقْتَضِيها من غيرِ مُعَارِضٍ. فإذا تَمَّ حَوْلُ التِّجارَةِ، وَجَبَتْ زَكَاةُ الزَّائِدِ عن النِّصَابِ؛ لِوُجُودِ مُقْتَضِيها، لأنَّ هذا مَالٌ لِلتِّجارَةِ، حالَ الحَوْلُ عليه وهو نِصَابٌ، ولا يُمْكِنُ إيجابُ الزَّكَاتَيْنِ بِكَمَالِهما؛ لأنَّه يُفْضِى إلى إيجابِ زَكاتَيْنِ فى حَوْلٍ وَاحِدٍ، بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، فلم يَجُزْ ذلك؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا ثِنَى (١١) في


(٩) فى الأصل: "السوم".
(١٠) فى م: "وإلا".
(١١) فى م: "تثنى" خطأ. والثنى: الأمر يعاد مرتين وأن يفعل الشىء مرتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>