للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقَتْلِه، فأمرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقَسامَةِ (١). وأما إنْ كان المقتولُ كافرًا أو عَبْدًا، وكان قاتلُه مِمَّن يجبُ عليه القِصاصُ بِقَتْلِه، وهو المُماثلُ له (٢) في حالِه، ففيه القَسامةُ. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ. وقالَ الزُّهْرِيُّ، والثَّوْريُّ، ومالكٌ، والأوْزَاعيُّ: لا قَسامَةَ في العبدِ؛ لأنَّه (٣) مالٌ، فلم تجبِ القَسامةُ فيه، كقَتْلِ البهيمةِ. ولَنا، أنَّه قتلٌ مُوجِبٌ للقِصاصِ، فأوجَبَ القَسامةَ، كقَتْلِ الحُرِّ، وفارقَ البهيمةَ؛ فإنَّه (٤) لا قِصاصَ فيها. ويُقْسِمُ على العبدِ سَيِّدُه، لأنَّه المُسْتَحِقُّ لدَمِه، وأمُّ الولدِ، والمُدَبَّرُ، والمكاتب، والمُعَلَّقُ عِتقُه بصفةٍ، كالقِنِّ؛ لأنَّ الرِّقَّ ثابتٌ فيهم. وإن كان القاتلُ مِمَّن لا قِصاصَ عليه، كالمسلمِ يَقْتُلُ كافرًا، والحُرِّ يقْتُلُ عبدًا، فلا قَسامةَ فيه، في ظاهرِ قولِ الْخِرَقِيِّ، وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ القَسامةَ إنَّما تكونُ فيما يُوجِبُ القَوَدَ. وقال القاضي: فيهما القَسامةُ، وهو قولُ الشافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ؛ لأنَّه قتلُ آدَمِيٍّ يُوجِبُ الكفَّارةَ، فَشُرِعَتِ القَسامَةُ فيه، كقَتْلِ الحُرِّ المسلمِ، ولأنَّ ما كانَ حُجَّةً في قَتْلِ الحُرِّ المسلمِ، كان حُجَّةً في قَتْلِ العبدِ الكافرِ، كالبَيِّنَةِ. ولَنا، أنَّه قتلٌ لا يُوجِبُ القِصاصَ، فأشْبَهَ قتلَ البهيمةِ، ولا يَلْزَمُ مِن شَرْعِها فيما يُوجِبُ القِصاصَ، شَرْعُها مع عَدَمِه، بدليلِ أنَّ العبدَ إذا (٥) اتُّهِمَ بقتْلِ سَيِّدِه، شُرِعتِ القَسامةُ إذا كانَ القتلُ مُوجِبًا للقِصاصِ. ذكرَه القاضي؛ لأنَّه لا يجوزُ قتلُه قبلَ ذلك، ولو لم يكُنْ موجِبًا للقِصاصِ لم تُشْرَعِ القَسامَةُ.

فصل: وإن قُتِلَ عبدُ المُكاتَبِ، فللمكاتَبِ أنْ يُقْسِمَ على الجانِي؛ لأنَّه مالكٌ للعبدِ (٦) يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيه وفي بَدَلِه، وليس لسيِّدِه انْتزاعُه منه، وله شِراؤُه منه. ولو


(١) تقدم تخريجه، في صفحة ١٨٨.
(٢) سقط من: ب.
(٣) في م: "فإنه".
(٤) في م: "فإنها".
(٥) في الأصل: "لو".
(٦) في الأصل: "العبد".

<<  <  ج: ص:  >  >>