للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٨٩). يَعْنِى أَنَّ هذا ممَّا اسْتطاعَهُ مِن القُوَّةِ، فيَدْخُلُ فى عُمومِ الآيَةِ.

١٧٧٧ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَجُوزُ إِذا أُرْسْلَ الْفُرْسَانُ أَنْ يَجْنُبَ أحَدُهُمَا إلَى فَرَسِه فَرَسًا، يُحَرِّضُه عَلَى العَدوِ، [ولَا يَصِيحُ بِهِ وقْتَ] (١) سِبَاقِهِ؛ لمَا رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قَالَ: "لَا جَنَبَ وَلَا جَلَبَ".)

معنى الْجَنَبِ، أَنْ يَجْنُبَ المُسابِقُ إلى فَرَسِه فَرَسًا لا راكِبَ عليه، يُحرِّضُ التى (٢) تَحْتَه على العَدْوِ، ويَحُثُّه عليه. هذا ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وقال القاضِى: مَعْنَاهُ أَنْ يَجْنُبَ فرسًا يتحوَّلُ عندَ الغايَةِ عليه، لكَوْنِها أقَلُّ كَلالًا وإعْياءً. قال ابنُ الْمُنْذِرِ: كذا قيلَ، ولا أحْسَبُ هذا يَصِحُّ؛ لأنَّ الفَرَسَ التى يُسابِقُ بها (٣) لابُدَّ من تَعْيِينها، فإنْ كانَت التى يَتَحَوَّلُ عنها، فما حصَلَ السَّبْقُ بها، وإِنْ كانَتْ التى يتَحوَّلُ إليْها، فما حصَلَت المُسابَقَةُ بِها فى جميعِ الحَلْبَةِ، ومِنْ شَرْطِ السِّباقِ ذلك، ولأنَّ (٤) هذا متى احْتاجَ إلى التحَوُّلِ والاشْتِغالِ به، فربما سُبِقَ باشْتِغاله، لا بِسُرْعةِ (٥) غيرِه، ولأنَّ المقصودَ معرِفَةُ عَدْوِ الفَرَس فى الحَلْبَةِ كُلِّها، فمتى كان إنَّما يَركَبُه فى آخِرِ الحَلْبَةِ، فما حصَلَ المقْصودُ. وأمَّا الْجَلَبُ، فهو أَنْ يتْبَعَ الرجلُ فَرَسَه، يركضُ خَلْفَه، ويَجْلِبُ عليه، ويَصِيحُ وراءَه، يَسْتَحِثُّه بذلِك على العَدْوِ. هكذا فَسَّرَه مالِكٌ (٦). وقال قَتَادَةُ: الجَلَبُ والجَنَبُ فى الرِّهانِ (٦). ورُوِىَ عن أبى عُبَيْدٍ كقولِ مالِكٍ. وحُكِىَ عنه، أَنَّ مَعْنَى الجَلَبِ أَنْ يَحْشُرَ


(٨٩) سورة الأنفال ٦٠.
(١) فى الأصل: "ولا يصح به فى وقت". وفى أ: "ولا يصيح فى وقت".
(٢) فى الأصل، م: "الذى".
(٣) فى م: "عليها".
(٤) سقط من: ب.
(٥) فى م: "سرعة".
(٦) ذكرهما البيهقى، فى: باب ما جاء فى الرهان على الحيل وما يجوز وما لا يجوز، من كتاب الرمى. السنن الكبرى ١٠/ ٢١، ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>