للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الحَيْضَ يَدُورُ عليها. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشةُ، قالتْ: جاءتْ فاطمةُ بنتُ أبى حُبَيْشٍ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أُسْتَحَاضُ، فلا أَطْهُرُ، أفأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، ولَيْسَ بالحَيْضَةِ، فَإذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِى الصَّلَاةَ، فَإذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلى عَنْكِ الدَّمَ، وصَلِّى". مُتَّفَقٌ عليه (٩). ولِلنَّسائِىِّ وأبي داود: "إذَا كانَ دَمُ الحَيْض فإنَّهُ دَمٌ (١٠) أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فأَمْسِكِى عَنِ الصَّلَاةِ، فإذَا كانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِى فَإنَّما هُوَ عِرْقٌ" (١١). وقال ابنُ عَبَّاسٍ: أمَّا ما رَأَتِ الدَّمَ البَحْرَانِىَّ فإنَّها تَدَعُ الصَّلاةَ. وقال: إنَّها واللهِ لن تَرَى الدَّمَ الذي هو الدَّمُ بعدَ أيَّامِ مَحِيضِهَا إلَّا كغُسَالَةِ ماء اللَّحْمِ. وحديثُ أُمِّ سَلَمة إنَّما يَدُلُّ على اعْتِبارِ العادِة، ولا نِزَاعَ فيه. وحَدِيثُ فَاطِمَةَ هو أحَدُ الثَّلَاثَةِ التي يَدُورُ عليها الحَيْضُ.

فصل: ظَاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أنَّ المُمَيِّزَةَ إذا عَرَفَتِ التَّمْييزَ جَلَسَتْهُ مِن غيرِ اعْتِبارِ تَكْرارٍ. وهو ظاهِرُ كَلَامِ أحمدَ فِيما رَوَيْنَاهُ عنه. وكذلك قال ابْنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّ مَعْنَى التَّمْيِيزِ أنْ يَتَمَيَّزَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ عَن الآخَرِ في الصِّفَة، وهذا يُوجَدُ بأوَّلِ مَرَّةٍ. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال القاضي وأبو الحسنِ الآمِدِىُّ: إنَّما تَجْلِسُ المُمَيِّزَةُ مِن التَّمْيِيزِ ما تَكَرَّرَ مَرَّتَيْن أوْ ثلاثًا، بِناءً على الرِّوايتَيْن، فِيما تَثْبُتُ به العادةُ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِى الصَّلَاةَ، فَإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ، وصَلِّى". أمَرَهَا بِتَرْكِ الصَّلاةِ إذا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ مِن غيرِ اعْتِبَارِ أمْرٍ آخَرَ، ثُمَّ مَدَّهُ إلى حِينِ إدْبَارِه، ولأنَّ التَّمْيِيزَ أَمارةٌ بمُجَرَّدِه، فلم يَحْتَجْ إلى ضَمِّ غيرِه إليه، كالعادَةِ، وعند القاضي: إنَّمَا تَجْلِسُ مِن التَّمْيِيزِ ما وَافَقَ العادةَ؛ لأنَّه يَعْتبِرُ التَّكْرَارَ، ومتى تَكَرَّرَ صارَ عَادَةً.


= الدارمي، في: باب في غسل المستحاضة. سنن الدارمي ١/ ١٩٩، ٢٠٠. والإمام مالك، في: باب المستحاضة ١/ ٦٢. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٢٩٣، ٣٠٤، ٣٢٠، ٣٢٣.
(٩) تقدم في صفحة ٢٧٧.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) أخرجه أبو داود، في: باب من قال تتوضأ لكل صلاة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٧٣. والنسائي، في: باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، من كتابى الطهارة والحيض. المجتبى ١/ ١٠٢، ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>