للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه زَمَنٌ لا تَمْلِكُ فيه الفَسْخَ، ولا الامْتِناعَ من اسْتِمْتاعِه، فلم يكُن سُكوتُها مُسْقِطًا لِحَقِّها، كسُكُوتِها بعدَ ضَرْبِ المُدَّةِ وقبلَ انْقِضائِها. ولو سَكَتَتْ بعدَ المُدَّةِ، لم يَبْطُلْ خِيارُها أيضًا؛ لأنَّ الخِيارَ لا يثبتُ إلَّا بعدَ رَفْعِه إلى الحاكمِ، وثُبُوتِ عَجْزِه، فلا يَضُرُّ السُّكُوتُ قبلَه.

١١٩٠ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ قَالَتْ فِى وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ عِنِّينًا. لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدُ)

وجملةُ الأمْرِ، أنَّها متى رَضِيَتْ به عِنِّينًا، بَطَلَ خِيارُها، سواءٌ قالتْهُ (١) عَقِيبَ العَقْدِ، أو بعدَ ضَرْبِ المُدَّةِ، أو بعدَ انْقِضائِها، ولا نعلمُ فى بُطلانِ خِيارِها بقَوْلِها ذلك بعد انْقِضاءِ المُدَّةِ خلافًا، فأما قبلَها فإن الشافعىَّ قال فى الجديدِ: لا يَبْطُلُ خِيارُها؛ لأنَّ حَقَّها فى (٢) الفَسْخِ إنَّما يَثْبُتُ بعدَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، فلم يَصِحَّ إسْقاطُه قبلَها، كالشَّفِيعِ يُسْقِطُ حَقَّه قبلَ البَيْعِ. ولَنا، أنَّها رَضِيَتْ بالعَيْبِ بعدَ العَقْدِ، فسَقَطَ خِيارُها، كسائرِ العُيُوبِ، وكما بعدَ انْقِضاءِ المُدَّةِ. وما ذَكَرُوه غيرُ صحيحٍ، فإنَّ العُنَّةَ التى هى سَبَبُ الفَسْخِ مَوْجُودةٌ، وإنَّما المُدَّةُ ليُعْلَمَ وُجُودُها، ويُتَحَقَّقَ عِلْمُها، فهى كالبَيِّنةِ فى سائرِ العُيُوبِ (٣). ويُفارِقُ الشُّفْعةَ؛ فإنَّ سَبَبَها البَيْعُ، ولم يُوجَدْ بعدُ. فإن قيل: فلو رَضِيَتِ المرأةُ بالإِعْسارِ، ثم اخْتارتِ الفَسْخَ، مَلَكَتْه، ولو آلَى منها، فرَضِيَتْ بالمُقامِ معه، ثم طالبَتْ بالعُنّةِ، كان لها ذلك؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينهما أَنَّ النَّفقةَ يتجَدَّدُ وُجُوبُها كلَّ يومٍ, فإذا رَضِيَتْ بإسْقاطِ ما يَجِبُ لها فى المُسْتَقْبَلِ، لم يَسْقُطْ؛ لأنَّها أسْقَطَتْه قبلَ وُجُوبِه، فأشْبَهَ إسْقاطَ الشُّفْعةِ قبلَ البَيْعِ، بخلافِ العَيْبِ، ولأنَّ الإِعْسارَ يَعْقُبُه (٤) اليَسارُ،


(١) فى أ، ب، م: "قالت".
(٢) فى الأصل، أ: "من".
(٣) فى ب: "العقود".
(٤) فى الأصل، أ، ب: "يتعقبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>