للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نِسَائِكُمُ} (٩). ولم يخْتَصَّ التَّحْرِيمُ باللَّاتِي في حُجُورِهم (١٠). وقال: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (٩). وحرَّم حَلائلَ الأبْناءِ من الرَّضاعِ، وأبْناءِ الأبْناءِ. وقال: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١١). وأُبِيحَ القَصْرُ بدونِ الخَوْفِ. وأمَّا العبدُ فلا فَرْقَ بينَه وبينَ الأَمَةِ، فالتَّنْصِيصُ على أحدِهما يَثْبُتُ حُكْمُه في حقِّ الآخَرِ، كما أنَّ قولَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ" (١٢). ثبتَ حُكْمُه في حَقِّ الأَمَةِ، ثم إنَّ المَنْطوقَ أَوْلَى منه على كلِّ حالٍ. وأمَّا أبو ثَوْرٍ، فخالَف (١٣) نصَّ قولهِ تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}. وعَمِلَ به فيما لم يتناولْه النصُّ، وخَرَقَ الإِجْمَاعَ في إيجابِ الرَّجْمِ على الْمُحْصَناتِ، كما خَرَقَ داودُ الإِجماعَ في تكْميلِ الجَلْدِ على العبيدِ (١٤)، وتَضْعيفِ حَدِّ الأبْكارِ على الْمُحْصَناتِ.

فصل: ولا تَغْريبَ على عبدٍ ولا أَمَةٍ. وبهذا قالَ الحسنُ، وحَمَّادٌ، ومالكٌ وإسحاقُ. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو ثَوْرٍ: يُغَرَّبُ نصفَ عامٍ؛ لقولهِ تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}. وحدَّ ابنُ عمرَ مملوكةً له، ونَفاهَا إلى فَدَكَ (١٥). وعن الشافعيِّ قَوْلان كالمذهَبَيْنِ. واحتجَّ مَنْ أوجَبَهُ بعُمومِ قولِه عليه السلام: "والبِكْرُ بِالْبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ" (١٦). ولَنا، الحديثُ المَذكورُ في حُجَّتِنا، ولم يذْكُرْ فيه تَغْريبًا، ولو كان واجبًا لَذكَرَه؛ لأنَّه لا يجوزُ تأْخيرُ البيان


(٩) سورة النساء ٢٣.
(١٠) في م: "حجوركم".
(١١) سورة النساء ١٠١.
(١٢) تقدم تخريجه، في: ٧/ ٣٦٢.
(١٣) في م: "فخلف".
(١٤) في ب: "العبد".
(١٥) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في الرقيق، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٤٣. وعبد الرزاق، في: باب هل على المملوكين نفى أو رجم، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٣١٢.
(١٦) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>