للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه حَدٌّ لا يتبعَّضُ، فوجَبَ تكْمِيلُه، كالقَطْع في السَّرِقَةِ. ولَنا، ما رَوَى ابنُ شِهابٍ، عن عُبَيْدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه، عن أبي هُرَيْرَةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ، وسُئِلَ (٤)، قالوا: سُئِلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الأمَةِ إذا زَنَتْ ولم تُحْصَنْ، فقال: "إذَا زَنَتْ فاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثم إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا ولَوْ بِضَفِيرٍ" (٥). مُتَّفَقٌ عليه (٦). قال ابنُ شِهابٍ: وهذا نَصٌّ في جَلْدِ الأَمَةِ إذا لم تُحْصَنْ، وهو حُجَّةٌ على ابنِ عَبَّاسٍ، ومُوافِقِيه، وداودَ. وجَعْلُ داودَ عليها مِائَةً إذا لم تُحْصَنْ، وخمسين إذا كانتْ مُحْصَنَةً، خلافُ ما شَرَعَ اللهُ تعالى، فإنَّ اللَّه ضاعَفَ عُقوبةَ الْمُحْصَنَةِ على غيرِها، فجعلَ الرَّجْمَ على المُحْصَنَةِ، والجلْدَ على البِكْرِ، وداودُ ضاعَفَ عُقوبةَ البِكْرِ على المُحْصَنَةِ، واتِّباعُ شَرْعِ اللهِ أَوْلَى. وأمَّا دَلِيلُ الخِطابِ، فقد رُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، رحمَةُ اللهِ عليه (٧)، أنَّه قال: إحْصانُها إسْلامُها وأقْراؤُها (٨). بفتح الألِف. ثم دليلُ الخِطابِ إنَّما يكونُ دليلًا إذا لم يكُنْ للتَّخْصِيصِ بالذِّكْرِ فائِدَةٌ، سِوَى اخْتصاصِه بالحُكْمِ، ومتى كانتْ له فائِدَةٌ أُخْرَى، لم يكُنْ دليلًا، مثلَ أن يخْرُجَ مَخْرَجَ الغالِبِ، أو للتَّنْبِيهِ، أو لمَعْنًى من المعانِى، وقد قال اللَّه تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ


(٤) كذا في النسخ. وليس في مصادر التخريج الآتية.
(٥) ضفير: حبل.
(٦) أخرجه البخاري، في: باب بيع العبد الزانى، من كتاب البيوع، وفي: باب كراهية التطاول على الرقيق، من كتاب العتق، وفي: باب إذا زنت الأمة، من كتاب الحدود. صحيح البخاري ٣/ ٩٣، ١٩٧، ٨/ ٢١٣. ومسلم، في: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٨، ١٣٢٩.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الأمة تزني ولم تحصن، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٧٠. والترمذي، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٠٧، ٢٠٨. وابن ماجه، في: باب إقامة الحدود على الإِماء، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٧. والدارمي، في: باب في المماليك إذا زنوا. . ., من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٨١. والإِمام مالك، في: باب جامع ما جاء في حد الزنى، من كتاب الحدود. الموطأ ٢/ ٨٢٦. والإِمام أحمد في: المسند ٢/ ٢٤٩، ٣٧٦، ٤٢٢، ٤٩٤، ٤/ ١١٦، ١١٧.
(٧) سقط من: م.
(٨) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في حد المماليك، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٤٣. وابن جرير، في: تفسير سورة النساء، آية رقم ٢٥. تفسير الطبري ٥/ ٢٢، ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>