للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (٦٧). ولأنَّ غيرَ الزَّوْجَةِ لا حَقَّ لها فى وَطْئِه، فلا يكونُ مُولِيًا منها، كالأَجْنَبِيَّةِ. فإِنْ حَلَفَ على تَرْكِ وَطْءِ أَمَتِه، لم يكنْ مُولِيًا؛ لِمَا ذَكَرْنا. وإِنْ حَلَفَ على تَرْكِ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ، ثم نَكَحَها، لم يكنْ مُولِيًا؛ لذلك. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ. وقال مالِكٌ: يَصِيرُ مُولِيًا إذا بَقِىَ مِن مُدَّةِ يَمِينِه أَكْثَرُ مِن أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لأنَّه مُمْتَنِعٌ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِه بِحُكْمِ يَمِينِه مُدَّةَ الإِيلاءِ، فكانَ مُولِيًا، كما لو حَلَفَ فى الزَّوْجِيَّةِ. وحُكِىَ عن أصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّه إِنْ مَرَّتْ به امْرَأَةٌ، فحَلَفَ أَنْ لا يَقْرَبَها، ثم تَزَوَّجَها، لم يكنْ مُولِيًا. وإِنْ قال: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ، فوَاللَّهِ لا قَرَبْتُها. صارَ مُولِيًا؛ لأنَّه أضافَ اليَمينَ إلى حالِ الزَّوْجِيَّةِ، فأشْبَهَ ما لو حَلَفَ بعدَ تَزَوُّجِها (٦٨). ولَنا، قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. وهذه ليستْ مِنْ نِسائِه، ولأنَّ الإِيلاءَ حُكْمٌ مِن أحْكامِ النِّكاحِ، فلم يَتَقَدَّمْهُ كالطَّلاقِ والقَسَمِ، ولأنَّ المُدَّةَ تُضْرَبُ له لِقَصْدِه الإِضْرارَ بها بِيَمِينِه، وإِذا كانتِ اليَمِينُ قبلَ النِّكاحِ، لم يكنْ قاصِدًا. للْإِضْرارِ، فأشْبَهَ المُمْتَنِعَ بغيرِ يَمِينٍ. قال الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ: وقد قال أحمدُ: يَصِحُّ الظِّهارُ قبلَ النِّكاحِ؛ لأنَّه يَمِينٌ. فعلى هذا التَّعْلِيلِ يَصِحُّ الإِيلاءُ قبلَ النِّكاحِ. والمَنْصُوصُ أنَّه لا يَصِحُّ؛ لما ذَكَرْناه.

فصل: فإِنْ آلى مِن الرَّجْعِيَّةِ، صَحَّ إِيلاؤُهُ. وهذا قَوْلُ مالِكٍ؛ والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وذَكَرَ ابنُ حامِدٍ، أَنَّ فيه رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَصِحُّ إيلاؤُه؛ لأنَّ الطَّلاقَ يَقْطَعُ مُدَّةَ الإِيلاءِ إذا طَرأَ، فَلأنْ يَمْنَعَ صِحَّتَه ابْتِداءً أوْلَى. ولَنا، أنَّها زَوْجَةٌ (٦٩) يَلْحَقُها طَلاقُه، فصَحَّ إِيلاؤُه منها، كغيرِ المُطَلَّقَةِ. وإِذا آلَى منها احْتَسَبَ المُدَّةَ (٧٠)


(٦٧) سورة البقرة ٢٢٦.
(٦٨) فى م: "تزويجها".
(٦٩) فى ب: "زوجته".
(٧٠) فى ب، م: "بالمدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>