للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّفَقٌ عليه (٨). وإن اقْتَناه لِحِفْظِ البُيُوتِ، لم يَجُزْ؛ لِلْخَبَرِ. ويَحْتَمِلُ الإباحَةَ. وهو قولُ أصْحابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه في مَعْنَى الثَّلَاثَةِ، فيُقَاس عليها. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ قِياسَ غيرِ الثَّلَاثَةِ عليها، يُبِيحُ ما يَتَنَاوَلُ الخَبَرُ تَحْرِيمَه. قال القاضِى: وليس هو في مَعْناها، فقد يَحْتالُ اللِّصُّ لإخْراجِه بشىءٍ يُطْعِمُه إيَّاهُ، ثم يَسْرِقُ المَتاعَ. وأمَّا الذِّئْبُ، فلا يَحْتَمِلُ هذا في حَقِّهِ، ولأنَّ اقْتِناءَه في البُيُوتِ يُؤْذِي المارَّةَ، بِخِلافِ الصَّحْراءِ.

فصل: فأمَّا تَرْبِيَةُ الجَرْوِ الصَّغِيرِ لأحَدِ الأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فيجوزُ في أقوَى الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّه قَصَدَه لذلك، فيَأخُذُ حُكْمَه. كما يجوزُ بَيْعُ العَبْدِ الصَّغِيرِ، والجَحْشِ الصَّغِيرِ، الذى لا نَفْعَ فيه في الحالِ؛ لمآلِه إلى الانْتِفاعِ. ولأنَّه لو لم يتَّخِذ الصّغِيرَ، ما أمكنَ جَعْلُ الكَلْبِ لِلصَّيْدِ، إذ لا يَصِيرُ مُعَلَّمًا إلَّا بالتَّعْلِيمِ، ولا يُمكنُ تَعْلِيمُه إلَّا بِتَرْبِيَتِه، واقْتِنائِه مُدَّةً، يُعَلِّمُه فيها. قال اللهُ تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} (٩). ولا يُوجَدُ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ بغير تَعْلِيمٍ. والوجه الثاني، لا يجوزُ؛ لأنَّه ليس من الثَّلَاثَةِ.

فصل: ومن اقْتَنَى كَلْبًا لِلصَّيْدِ، ثم تَرَكَ الصَّيْدَ مُدَّةً، وهو يُرِيدُ العَوْدَ إليه،


(٨) أخرجه البخاري، في: باب من اقتنى كلبا لبس بكلب صيد أو ماشية، من كتاب الذبائح. صحيح البخاري ٧/ ١١٢. ومسلم، في: باب الأمر بقتل الكلاب. . .، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١٢٠١ - ١٢٠٣.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء من أمسك كلبا ما ينقص من أجره، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذي ٦/ ٢٨٤. والنسائي، في: باب الرخصة في إمساك الكلب للماشية، وباب الرخصة في إمساك الكلب للصيد، من كتاب الصيد. المجتبي ٧/ ١٦٥، ١٦٦. والدارمي، في: باب في اقتناء كلب الصيد أو الماشية، من كتاب الصيد. سنن الدارمي ٢/ ٩٠. والإمام مالك، في: باب ما جاء في أمر الكلاب، من كتاب الاستئذان. الموطأ ٢/ ٩٦٩. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤، ٨، ٣٧، ٤٧، ٦٠، ١٠١، ١١٣، ١٥٦.
(٩) سورة المائدة ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>