للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا فَرْقَ فى ميراثِ الزَّوْجَيْنِ بينَ ما قَبْلَ الدُّخولِ وبَعْدَه؛ لعُمومِ الآية، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى لِبَرْوَعَ بنتِ وَاشِقٍ بالميراثِ، وكان زوجُها مات عنها قبلَ أن يَدْخُل بها، ولم يَفْرِضْ لها صداقًا (٤٨). ولأنَّ النِّكاحَ صحيحٌ ثابتٌ، فيُوَرَّثُ به، كما بعدَ الدُّخولِ.

فصل: فأمَّا النِّكاحُ الفاسِدُ، فلا يَثْبُتُ به التَّوارثُ بين الزَّوْجينِ؛ لأنَّه ليس بنكاحٍ شرعىٍّ. وإذا اشْتَبَهَ مَنْ نِكاحُها فاسدٌ بمَنْ نكاحُها صحيحٌ، فالمنْقوُل عن أحمدَ، أنَّه قال فى مَن تَزَوَّجَ أُخْتَينِ، لا يَدْرِى أيَّتَهما تَزَوَّجَ أوَّلَ: فإنَّه يُفَرَّقُ بينهما. وَتَوَقَّفَ عن أن يقولَ فى الصَّداقِ شيئًا. قال أبو بكرٍ: يتَوَجَّهُ على قَوْلِه أن يُقْرَعَ بينهما. فعلى هذا الوجهِ يُقْرَعُ بينهما فى الميراثِ إذا مات عنهما. وعن النَّخَعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، ما يَدُلُّ على أن المَهْرَ والميراثَ يُقَسَّمُ بينهنَّ على حَسَبِ الدَّعاوَى والتَّنْزِيلِ، كميراثِ الخَنَاثَى. وهو قولُ أبى حنيفةَ وأصحابِه. وقال الشافِعِىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: يُوقَفُ المشْكوكُ فيه من ذلك، حتَّى يَصْطَلِحْنَ عليه، أو يَتَبَيَّنَ الأمرُ. فلو تَزَوّجَ امرأةً فى عَقْدٍ، وأربعًا فى عقدٍ، ثمَّ مات، وخَلَّفَ أخًا، ولم يُعلمْ أىُّ العَقْدينِ سَبَقَ، ففىِ قول أبى حنيفةَ، كلُّ واحدةٍ تَدَّعِى مَهْرًا كاملًا يُنْكِرُه الأخُ، فتُعْطَى كلُّ واحدةٍ نِصْف مَهْرٍ، ويُؤْخَذُ رُبْعُ الباقى تَدَّعِيه الواحدةُ والأرْبَعُ، فيُقَسَّمُ للواحدةِ (٤٩) نِصْفه، وللأَرْبع نِصْفُه. وعند الشافِعِىِّ، أكثرُ ما يَجِبُ عليه أرْبَعةً مُهُورٍ فيُؤْخَذُ (٥٠) ذلك، يُوقَفُ منها مَهْرٌ بين النساءِ الخَمْسِ، ويَبْقَى ثلاثةٌ تَدَّعِى الواحدةُ رُبْعَها ميراثًا، ويَدَّعِى الأخُ ثلاثةَ أرْباعِها، فيُوقَفُ منها ثلاثةُ أرباعِ مَهْرٍ بينَ النِّساءِ الخَمْسِ، وباقِيها وهو مَهْران ورُبعٌ بين الأَرْبعِ والأخِ (٥١)، ثمَّ يُؤْخَذُ ربعُ ما بَقِىَ،


(٤٨) أخرجه أبو داود، فى: باب فى من تزوج ولم يسم صداقا حتى مات، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٨٧، ٤٨٨. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٨٤، ٨٥. والنسائى، فى: باب عدة المتوفى عنها زوجها. . .، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٦٤. وابن ماجه، فى: باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٩. والدارمى، فى: باب الرجل يتزوج المرأة فيموت. . .، من كتاب النكاح. سنن الدارمى ٢/ ١٥٥.
(٤٩) فى م: "الواحد".
(٥٠) فى أ، م: "فيأخذ".
(٥١) فى م: "وبين الأخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>