للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْدَ الوَطْءِ ونِسْيَانَه سَوَاءٌ. أبو حنيفةَ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ فى قَدِيمِ قَوْلَيْه. وقال فى الجَدِيدِ: لا يُفْسِدُ الحَجَّ، ولا يَجِبُ عليه شىءٌ مع النِّسْيَانِ والجَهْلِ؛ لأنَّها عِبَادَةٌ يَجِبُ بإِفْسَادِهَا الكَفَّارَةُ، فَافْتَرَقَ فيها وَطْءُ العَامِدِ والنَّاسِى، كالصَّوْمِ. ولَنا، أنَّه سَبَبٌ يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ القَضَاءِ فى الحَجِّ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، كالفَوَاتِ، والصَّومُ مَمْنُوعٌ. ثم إنَّ الصَّوْمَ لا تَجِبُ الكَفَّارَةُ فيه (٦) بالإِفْسَادِ؛ لأنَّ (٧) إفْسَادَهُ بكلِّ ما عَدَا الجِمَاعَ لا يُوجِبُ كَفَّارَةً، وإنَّما تَجِبُ بِخُصُوصِ الجِمَاعِ، فافْتَرَقَا.

٦٠٠ - مسألة؛ قال: (ولِلْمُحْرِمِ أنْ يَتَّجِرَ، ويَصْنَعَ الصَّنَائِعَ، ويَرْتَجِعَ زَوْجَتَهُ)

وعن أبى عبدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ، رِوَايَةٌ أُخْرَى فى الارْتِجَاعِ، أنْ لا يَفْعَلَ. أمَّا التِّجَارَةُ والصِّنَاعَةُ فلا نَعْلَمُ فى إبَاحَتِهِمَا اخْتِلَافًا. وقد رَوَى ابنُ عَبّاسٍ، قال: كان ذُو المَجَازِ وعُكَاظٌ مُتَّجَرَ النّاسِ فى الجَاهِلِيَّةِ، فلمَّا جَاءَ الإِسلامُ كأنَّهم كَرِهُوا ذلك، حتى نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (١). فى مَوَاسِم الحَجِّ. فأمَّا الرَّجْعَةُ، فالمَشْهُورُ إباحَتُها. وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وفيه رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، أنَّها لا تُبَاحُ؛ لأنَّها اسْتِبَاحَةُ فَرْجٍ مَقْصُودٍ بِعَقْدٍ، فلا تُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ، كالنِّكَاحِ. ووَجْهُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ، أنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ، والرَّجْعَةُ إمْسَاكٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِه تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٢). فأُبِيحَ ذلك كالإِمْسَاكِ قبل الطَّلَاقِ. ولا نُسَلِّمُ أن الرَّجْعَةَ اسْتِبَاحَةٌ، فإن الرَّجْعِيَّةَ مُبَاحَةٌ، وإن سَلَّمْنَا أنَّها اسْتِبَاحَةٌ،


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) فى أ، ب، م: "بدليل أن".
(١) سورة البقرة ١٩٨.
(٢) سورة البقرة ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>