للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَقَ المُخْرِجِ فملَكَه، وكان كسائِرِ مالِه؛ لأنَّه عِوَضٌ فى الْجَعالَةِ، فيُمْلَكُ فيها، كالعِوَضِ المَجْعُولِ (٦) فى رَدِّ الضالَّةِ والآبِقِ. وإِنْ كان العِوَضُ فى الذِّمَّةِ، فهو دَيْنٌ يُقْضَى به عليه، ويُجْبَرُ على تَسْليمِه إن كان مُوسِرًا، وإِنْ أفْلَسَ، ضَرَبَ به مع الغُرَماء.

فصل: والمُسابَقَةُ عقدٌ جائِزٌ. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَى الشافِعِىِّ، وقال فى الآخَرِ: هو لازِمٌ إنْ كان العِوَضُ منهما، وجائِزٌ إذا كان من أحَدِهما أو من غيرِهما. وذكرَه القاضِى احْتِمالًا؛ لأنَّه عَقْدٌ من شَرْطِه أَنْ يكونَ العِوَضُ والمُعَوَّضُ معلومَيْن، فكان لازِمًا، كالإِجارَةِ. ولَنا، أَنَّه عَقْدٌ على مَا لَا تَتَحَقَّقُ القُدْرَةُ على تَسْليمِه، فكان جائِزًا، كرَدِّ الآبِقِ، فإنَّه عَقْدٌ على الإصابَةِ، ولا يدْخُلُ تحتَ قُدْرَتِه، وبهذا فارقَ الإِجارَةَ. فعلى هذا، لكُل واحِدٍ من المُتَعاقِدَيْن الفَسْخُ قبلَ الشُّروعِ فى المُسابَقَةِ، وإِنْ أرادَ أحَدُهما الزِّيادَةَ فيها أو النُّقْصانَ منها (٧)، [يلزمِ الآخرَ إجابَتُه] (٨)، فأمَّا بعدَ الشُّروعِ فى المُسابَقَةِ، فإنْ كان لم يظْهَرْ لأحدِهما فضلٌ على الآخَرِ، جازَ الفَسْخُ لكلِّ واحدٍ منهما، وإِنْ ظهرَ لأحَدِهما فضلٌ [على الآخَرِ] (٩)، مثلَ أَنْ يسْبِقَه بفرَسِه فى بعض المُسابَقَةِ، أو يُصِيبَ بسِهَامِه أكثرَ منه، فللْفاضِلِ الفَسْخُ، ولا يجوزُ للمَفْضُولِ؛ لأنَّه لو جازَ له ذلك لَفاتَ غَرَضُ المُسابقَةِ؛ لأنَّه متى بانَ له سَبْقُ صاحِبِه له فَسَخَها، وتركَ المسابقَةَ، فلا يحْصُلُ المقْصودُ. وقال أصحابُ الشافِعِىِّ: إذا قُلْنا: العقدُ جائِزٌ. ففى جوازِ الفَسْخِ من المَفْضُولِ وَجْهان.

فصل: ويُشْتَرط أَنْ يكونَ العِوَضُ معلومًا؛ لأنَّه مالٌ فى عقدٍ، فكان معلومًا، كسائِرِ العُقودِ، ويكونُ معلومًا بالمُشاهَدَةِ، أو بالقَدْرِ والصِّفَةِ، على ما تقدَّمَ فى غير مَوْضعٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالًّا ومُؤجَّلًا، كالعِوَض فى البيعِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ بعضُه حالًّا وبعضُه مُؤجَّلًا، فلو قال: إنْ نَضَلْتَنِى فلك دينارٌ حالٌّ، وقفيزُ حِنْطَةٍ بعدَ شهرٍ. جازَ، وصَحَّ


(٦) فى م: "المجهول".
(٧) سقط من: ب.
(٨) فى ب: "لم يكن للآخر إجباره".
(٩) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>